سعد عبد الراضي
يختتم مهرجان الظفرة للكتاب فعالياته اليوم، تاركاً أثراً كبيراً لدى زواره والمشاركين فيه، نظراً لما تمثله أيامه ولياليه من متعة تجمع بين المعرفة والترفيه والاحتفاء بمختلف مفردات التراث الإماراتي الأصيل، وهذا الأثر هو ما يضيء على أهمية قرار مركز أبوظبي للغة العربية بتحويل معرضيّ العين والظفرة للكتاب إلى مهرجانين، كونه جعل المناسبتين أكثر اتساعاً لتقديم فعاليات متنوعة تجمع مختلف ألوان الآداب والفنون، بالإضافة إلى أن تعدد المواقع أتاح الفرصة لقطاع كبير من الجمهور الشغوف بعوالم الكتب والفن والتراث.
وفي نسخته الخامسة التي انطلقت قبل أيام تحت شعار «يسقي الظفرة ويرويها»، تشارك 100 دار نشر محلية وعربية تعرض 50 ألف عنوان، مع تنظيم أكثر من 200 فعالية ثقافية وفنية وترفيهية، ويهدف المهرجان إلى تعظيم الموروث الثقافي المحلي الغني في منطقة الظفرة بدافع تعزيز قيم الانتماء والإبداع والابتكار في المدينة والتأكيد على مكانة الظفرة في الساحة الثقافية بالدولة.
استحدث المهرجان، الذي يختتم فعالياته اليوم الأحد، أربع فعاليات أبرزها «حضيرة بينونة» إلى جانب فعالية «من عشانا»، التي قدمت عروض طبخ حية لطهاة محترفين وأسر منتجة في الظفرة، و«دوري الناشئين»، الذي تضمن مسابقات رياضية استقطبت الناشئة في بيئة تنافسية حماسية، و«البرنامج الموسيقي»، الذي تضمن جلسات غنائية أحياها الفنانون قصي المعمري، ومحمد المنهالي، وخالد محمد، بالإضافة إلى حفل لفرقة «كورال العرب». وقدم المهرجان 200 فعالية متنوعة، توزعت على سبعة أركان ضمن ثلاثة برامج، كما شهد حفل تكريم الفائزين بالدورة الثانية من جائزة «سرد الذهب»، الذي يقام في حصن الظفرة التاريخي.
وكانت ليالي الشعر- أصوات حبتها الناس، من أبرز فعاليات مهرجان الظفرة للكتاب، إذ استضافت مجموعة من أبرز شعراء الشعر الشعبي، لتبرز إبداعاتهم وتعرضها أمام الجمهور، وتسهم في إثراء الحركة الثقافية في المنطقة بشكل خاص وفي دولة الإمارات بشكل عام. 

واحتفى مهرجان الظفرة للكتاب هذا العام بحرفة «السدو» هوية بصرية، مستفيداً مما تمثله من رمزية في الثقافة الإماراتية. ويأتي اختياره من قبل مركز أبوظبي للغة العربية، في إطار الاحتفاء بعناصر التراث التي تشكل عصب الهوية الوطنية الإماراتية، والتأكيد على حضوره في المشهد التراثي حرفة يدوية سجلتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، في قائمة التراث الثقافي غير المادي.
أما الفعالية المستحدثة بعنوان «حضيرة بينونة» فهي تحاكي مجلس الحي عند أهل البادية قديماً، والحضيرة مساحة محاطة بأغصان أشجار تنبت في البيئة المحلية وتتحمل قساوة ظروفها المناخية، وتبنى الحضيرة على شكل حلقة مفتوحة من جهة الشرق لحماية من يجلس بداخلها من الرمال، لأن الرياح في دولة الإمارات عادة ما تكون جنوبية شرقية، وكان أهل البادية قديماً يجتمعون في «الحضيرة»، التي تتوسطها نار موقدة لإعداد القهوة، للتسامر وسرد القصص والأحداث. ولم يختر المركز اسم «بينونة» إلى جانب كلمة «حضيرة»من فراغ، فهي من أهم مدن منطقة الظفرة. كما اقتبس المهرجان اسم المنصة الرئيسة، التي تقام عليه أهم فعالياته اليومية، من منطقة الرديم الواقعة في ليوا، والتي تمتاز بجمال طبيعتها الأخاذة.
كما قدم على مدار أيامه عروضاً علمية تفاعلية للأطفال، وذاك بمعدل 3 مرات يومياً ومسابقات بيئية، وبرامج توعوية صممت للناشئة، بهدف تنمية معرفتهم وثقافتهم، وتحفيز إبداعهم، وتشجيع روح الاستكشاف لديهم كما اشتمل البرنامج الموحه للطفل على عروض فيزيائية، وعروض تجمع بين أنواع العلوم كافة. وشهد المهرجان كذلك أربع ورش فنية مختلفة، استوعبت كل واحدة منها 30 شخصاً يستفيدون مما تقدمه من مهارات وأفكار، ما كرس الركن حدثاً سنوياً مهماً ينتظره زوار المهرجان، إذ أنه يسهم في تدريبهم على مهارات يدوية، ويمنحهم أفكاراً لتنفيذ أعمال فنية بأقل التكاليف، كما أنه كان منصة لتواصل الفنانين المشاركين مع الجمهور والتعرف على رغباتهم وميولهم الفنية. وشهد ركن الفنون ارتفاعاً متزايداً في أعداد المشاركين عبر الدورات المتتالية للمهرجان، ما أسهم في تحقيق رؤية مركز أبوظبي للغة العربية في الوصول إلى مختلف شرائح المجتمع، وتعزيز ثقافته الفنية، وبناء الوعي المعرفي لدى الأجيال التي تعد الفنون إحدى أهم مقوماته.