محمد عبدالسميع

تنهض دولة الإمارات العربية المتحدة بمشروعٍ ثقافي عربي وعالمي، وذلك لأنها تؤمن أشدّ الإيمان بقيمة الثقافة ودورها في رقيّ الإنسان وتصالحيّته مع ذاته، وتشاركه مع محيطه الإنسانيّ، فليست الثقافة في الإمارات مجرد نشاطات موسمية أو منتظمة، بل لقد أصبحت زاداً يومياً لا غنى عنه، وكذلك اندمج فيه بسرعة كبيرة العرب المقيمون في الدولة وخارجها، ووصلت مؤشرات التنمية الثقافية عالمياً إلى نسب مشهودة مجسدة الإبداع والتسامح والتنوير.
اليوم، ونحن نقف على هذا النجاح العالي في الجانب الثقافي لدولة الإمارات العربية المتحدة، ومع تعدد المناسبات والمهرجانات والندوات والمؤسسات الثقافية الحكومية والخاصة العاملة، فإن ذلك كله يعكس في جوهره سعي القيادة الإماراتيّة الرشيدة دائماً إلى التطوير والإضافة في القطاع الثقافي، على اعتبار أنّ الثقافة بوصلة حقيقية للدول، ومؤشر على انفتاح هذه الدول واحترامها لذات أبنائها، وهي الذات المنسجمة مع الذات الجمعية في نهاية المطاف، بما يجعلها وجهاً مشرقاً للتنوير والوعي، وليست فقط للتمثيل الثقافي في هذا الجانب أو ذاك.
ولأنّ الحفاوة بالجانب الثقافي المتألق والناجح في الإمارات لابدّ وأن تقودنا إلى قراءة بدايات التأسيس ورؤية الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في أن يكون ثمة عمل متكامل في الإمارات على المستويين الشعبي والرسمي في قراءة وجمع والاحتفاء بكل هذا الإرث العميق والعريق خاصة في المجال التراثي، الذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بحياة الناس وأوجه تعبيرهم في الجانب المحكيّ والشعري، وفي جانب الأمثال والأهازيج، وتراث الصحراء والبحر والمدينة والبيئة الزراعية، وغيرها، ولذلك فقد كان لهذه الرؤية الحكيمة ما يبررها في جمع التراث وأرشفته والعناية بتفاصيله، منذ عهد الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وهو النهج الأصيل الذي يتواصل تحت رعاية وبدعم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وكلّ ما يتأسس من مشاريع ثقافية يُبنى على هذا النهج الحكيم والراسخ للقيادة الرشيدة، وهو ما يشكل كلّ هذا النجاح الذي نعيش ونحتفل اليوم به في الجانب الثقافي لدولة الإمارات العربية المتحدة في عيد الاتحاد الـ 53.
 وفي كلّ عامٍ جديد نقف على مقترحات وطنية ثقافية جديدة أُنجزت تُضاف إلى العام الذي سبقه، وهكذا تكون الثقافة فعلاً حقيقياً، وليست عملاً عارضاً أو عابراً. ولقد تكرّست هذه الأنشطة بشكلٍ لا غنى عنه في كلّ أرجاء الدولة، والتعداد حتماً يحتاج لصفحات عديدة، ولكننا نلخصها بالقول إن هذه الأنشطة والفعاليات في تنوعها وتعددها الثري في كل إمارة من إمارات الدولة، إنما يجسد تميزاً فريداً في قطاعات الفنون والتراث والمتاحف، وهو اهتمامٌ أكثر من استراتيجي، ويدل على الانسجام في الفعل الثقافي الإنساني، كما أن هذه الأنشطة تحمل أبعادها المحلية والعربية والعالمية، ما يبرز الأثر الكبير والتوجهات الرائدة لصناعة الثقافة في الإمارات.
وهكذا يكون العمل الثقافي في دولة الإمارات العربية المتحدة عملاً متواصلاً ومتطوراً في كلّ إمارة، ومتكاملاً على مستوى الوطن، حيث تعمل وزارة الثقافة في الوقت ذاته، بما يؤكّد الرؤى الاستراتيجية التي تنسجم مع رؤية الدولة وتوجهها إلى تحقيق المزيد من نسب الإنجاز والريادة في العمل الثقافي المحلي والعربي والعالمي.