هزاع أبو الريش- فاطمة عطفة
تعد المناسبات الوطنية مصدراً ثرياً من مصادر الإلهام والافتخار للفنانين الإماراتيين، وعبر تجاربهم الفنية المتنوعة والمتميزة تجلت المفردات التراثية الإماراتية في أعمال أبناء الوطن وفي إبداعاتهم، وانعكست على لوحاتهم الشخصية الإماراتية والأماكن والتفاصيل الغنية التي تعبر عن محبة الوطن والاعتزاز به.
بدايةً، يقول الفنان عبد القادر الريس: احتفاليات عيد الاتحاد ماثلة في أعمالي التشكيلية، وأنا أحتفي بيوم الاتحاد عبر لوحاتي التي تعكس جمال الطبيعية الإماراتية الغنية بأنواعها، مثل الصحراء، البحر، ورسم النخيل وجذوعه كرمز للأصالة والعطاء. ويضيف الفنان الريس، مؤكداً: الوطن في فكري وفني هو شعور بالانتماء والفخر بالجذور، حيث أستخدم عناصر تراثية وألواناً مستوحاة من البيئة المحلية للتعبير عن روح الوحدة والهوية الإماراتية.
من جهته، يقول الفنان محمد كاظم: بمناسبة عيد الاتحاد، أنتجت عملاً في معرض «منار» وهو بعنوان «اتجاهات» عرض في جزيرة السمالية بأبوظبي، وهذا العمل يمثل اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي الإحداثيات المأخوذة من سبع إمارات، وهي معروضة بشكل منظم، وفيما بعد تختلط هذه الإحداثيات بعضها ببعض، وهذا دليل على أن دولة الإمارات حققت طموحات كبيرة على كل الأصعدة، سواء كان تطويراً صناعياً أو فنياً، والدولة تعمل على الدعم الفني على مدى السنوات، وعيد الاتحاد يشكل لكل فنان قيمة وطنية كبيرة ويؤكد التوازن القائم على كل المستويات، وفي العمل الفني ابتكار شكل مستوحى من تاريخ تأسيس دولة الإمارات، وصولاً إلى المستقبل، وذلك على شكل منارة ترتفع عمودياً من جذور الأرض، وصولاً إلى الأفق، بما يرمز إلى أن سقف الطموحات في الدولة مستمر بلا نهاية.
رسالة مُلهمة
يقول الفنان محمد مندي: «على الفنان الحقيقي أن يكون صاحب رسالة مُلهمة، وأن يكون له حضور إبداعي من خلال الفعاليات والمناسبات الوطنية، وتكون له بصمة متميزة، فكل وظيفة وموهبة لها مكانتها وأهميتها من أجل أن تبقى راية الوطن عالية خفاقة، فالمبدع الذي يمتلك الموهبة لا يقل دوره عن باقي الوظائف الأخرى، لأنه يعمل جاهداً منشغلاً بذاته وفكره، قلقاً طوال الوقت لكي يتمكن من وضع بصمته». ويضيف: «المبدع له دور كبير في الأثر والتأثير، والإبداعات الخالدة لا تأتي من فراغ أو من راحة واسترخاء، وإنما من جهد وتعب وتفكير عميق، ومن هنا تكمن الفكرة والرسالة والهدف السامي التي تقدمه تلك الإبداعات المُلهمة بحضورها وتواجدها في مثل هذه المناسبات الوطنية الحافلة بالفرح والبهجة والسرور».
وتقول الفنانة خلود الجابري: «عيد الاتحاد يشكل يوماً مهماً للفنان الإماراتي، وقد عبرت عن مشاعري العميقة والأصيلة تجاه الإمارات بالكثير من الأعمال، منها لوحة أسميتها «إمارات العطاء»، عبارة عن امرأة تلبس ثوباً تراثياً يشكل عَلَم الإمارات، مستخدمة فيها القماش التراثي الخاص بالمرأة الإماراتية، وتحمل الألوان مضامين عدة تصب كلها في حب الوطن الغالي».
وتوضح الفنانة الجابري أن اللوحة تم رسمها احتفالاً بعيد الاتحاد، وهي تتميز بالتجانس اللوني والزخرفي الخاص بأزياء المرأة برمزية الترابط، وقد تم تجريد تفاصيل الوجه بألوان زاهية، وهو تعبير عن الفرح والتسامح والعطاء والوطنية التي تتميز بها الإمارات، وذلك باستخدام الألوان الزاهية والمبهجة التي عبرت من خلالها عن جمال روح الإنسان في دولة الإمارات، فهذه الألوان تجذب النظر وتعطي راحة للعين. وفي غالبية أعمالي من الكولاج أعبر عن أصالة الانتماء واعتزازي بتراثي وبيئتي من خلال استخدامي الأقمشة التراثية واستغلال بنائها في اللوحة بأسلوب فني جمالي كسيمفونية لونية ليطلع الآخر على ثقافتنا وتراثنا.
وتضيف الجابري: «ألجأ في أسلوبي إلى سرد قصة نجاح الإمارات لجذب أنظار العالم من خلال تراثنا الإماراتي، فاللوحة تعبر كذلك عن التسامح والمحبة، والتعايش والألفة بين الشعوب، لأن للفن دوراً مهماً في وجود مجتمع راقٍ يصنع نهضة فنية، فالفن له دور كبير في نشر ثقافة وتراث الدولة، والفنون لغة عالمية بين الشعوب.
تجسيد فني
من جانبها تشير الفنانة د. نجاة مكي إلى أهمية عيد الاتحاد بالنسبة لها، وكيف عبرت عن مفردات التراث في أعمالها التشكيلية، وجسدت الإمارات في لوحات عديدة تختلف كل سنة عن السنة السابقة لها، وذلك لأن الحياة في تطور وتجدد مستمر، وبفضل من الله والقيادة الرشيدة في دولة الإمارات ترسخت قيم التطور المتواصل، فهناك نقلات نوعية في كل مجالات الحياة في دولة الإمارات، ومن خلال هذه الطموحات يستقي الفنان طبعاً بعض الرموز التي يجسدها في أعماله الفنية، وأعمالي الفنية دائماً مرتبطة بأرض الوطن وحياة المجتمع، ولا تخرج عن صميم البيئة وصميم التراث والعلاقة بين الأرض والإنسان الذي يعيش على أرض الإمارات.
أما الفنانة عزة القبيسي فترى الاحتفاء بعيد الاتحاد احتفالاً بالهوية والثقافة، مؤكدة على أنه ومن الطفولة كانت تجري الاحتفالات بهذا اليوم على الكورنيش بأبوظبي، وفي كل بقعة من أرض الإمارات، وتقول: في هذا اليوم نعبر عن حبنا بالإبداع وتقديم أفكار جديدة، ومن طفولتي كنت أرى الجمال في هذا اليوم، وبالتالي أنا شخصياً أحتفل بهذا اليوم بأعمالي التي تعبر عن الهوية والثقافة، وكل التفاصيل والمفردات التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بثقافتنا الوطنية. وتضيف القبيسي: الجميع في هذا العيد يقدم ما عنده من إبداع فكري وفني، إن كان فناناً أو غير فنان، وهذا شيء جميل أن يقدم الجمال في عيد الاتحاد وأن نحتفل بصناعات إماراتية محلية لتعزيز الهوية الوطنية، حباً واعتزازاً بالحرف التراثية لتبقى للمستقبل.
وتقول الفنانة سوسن خميس: «أكثر أعمالي تجسد رموزاً عن دولة الإمارات والتراث الإماراتي والأشياء المحيطة بنا وتربينا عليها دائماً، ونحن نعبر بالفن عن المفردات والتفاصيل التي تمثل شخصية الفنان الإماراتي، وقد اشتهرت أعمالي بالكلاسيك ورسم الخيول، والآن أخذت أرسم الجمال والصقور لأنها تلامس حياتنا كإماراتيين».
وتقول الفنانة سلمى حمد المري: «أكثر أعمالي الفنية التراثية استلهمتها من الذاكرة البصرية والسمعية للأسلاف ومن مشاهداتي الأولى في الطفولة».
وتابعت المري: من الضروري أن تكون للمبدع مشاركات بارزة في المناسبات الوطنية من خلال أعمال تبقى خالدة في نفوس جمهوره، ويستخلص من تراثه وماضيه الأفكار التي تلهم الآخرين، وتجعلهم أمام أعمال إبداعية تسرد قصة وطن حافلة بالإنجازات والتاريخ المجيد.
من جهتها، توضح الفنانة فاطمة عدنان الشرهان، أن اللوحات التراثية والوطنية نافذة يطل منها المبدع على جذوره الثقافية وموروثه الحضاري، فهي ليست مجرد ألوان وخطوط تُجسد على الورق أو القماش، بل هي قصة تروى، وتجربة تُحكى، ونبض ينقل عبق الماضي إلى الحاضر بحب وفخر. حيث تمثل هذه الأعمال للمبدع روح الانتماء، وتُعزز فيه الإحساس بالهوية الوطنية، وهي مساحة من التأمل والبحث في تفاصيل الحياة القديمة، من العادات والتقاليد إلى المعالم والشخصيات التي شكلت تاريخ الوطن، إنها بمثابة رحلة في الزمن، تُعيد للمبدع ارتباطه بجذوره، وتتيح له فرصة أن يكون مرآةً صادقةً لمجتمعه وثقافته.
وتبيّن الفنانة خديجة الكندي، أن المناسبات الوطنية مهمة للغاية بالنسبة للفنانين، لأنها تحفز المبدع لتقديم أفضل ما لديه من طاقة وإمكانات يستشعر من خلالها أنه حاضر في المشهد الإبداعي، ومتواجد أمام جمهوره بلمساته المتميزة، فكل زاوية من زوايا الوطن تجسد صورة إبداعية، ولوحة فنية، ولكن على المبدع أن يقترب أكثر ويشاهد ما حوله من تفاصيل ستؤهله إلى أن يبتكر عملاً استثنائياً.