فاطمة عطفة (أبوظبي)

«الطفل من الصغر يحب الألوان، والطفولة لها وقعها على أي فنان، لكن ليس في محاولة الرسم، بل في كيف ينظر للكون بحرية مطلقة وبرؤية ليست مقيدة، وبالنسبة للأعمال التي أرسمها تبقى جذورها في العالم التعليمي، حيث كانت الكتابة تلفت نظري وتعني لي الكثير، وأي خط باليد كنت أرسمه وأرى أنه صورة»، بهذه الكلمات يضيء الفنان التونسي الدكتور عماد جميل، أستاذ الفنون الجميلة بجامعة تونس، على البدايات الأولى لعلاقته بالفن، وفي حديثه لـ «الاتحاد»، تناول مشاركته في النسخة الأخيرة من معرض «فن أبوظبي»، فيقول: الأعمال التي عرضت في «فن أبوظبي» هي تقاطع بين الصورة والخط، من الخط أشطب كلمة فإذا بصورة تبرز وتذكرنا بالأبجدية الإغريقية في الكتابة، ورسم حرفين يعني بالوقت نفسه الصورة والخط.
 وأسأله إذا كانت الصورة مرتبطة بالخط، فأين موقع اللون وتأثيره على الصورة؟ فيشير د. جميل إلى كتاب معه خاص بالدراسة، وهو باللغة الفرنسية، ويقول: كان الكتاب باللون الأسود، ثم أضفت اللون الأحمر والأخضر لكي أزين الحروف، بدأت كنقاط وكأننا دخلنا بعزف الموسيقى، وأنا لا أحب أن أستعمل ألوان الأبيض والأسود، لكن أعبر فقط كإضافة صغيرة بالألوان الأخرى، وهي عبارة عن نقاط.
  ويضيف: لأن الكتابة كانت بخط اليد والجميع يكتب على الورق، والآن بوجود التقنية الحديثة والكمبيوتر وتأثير هذه الأدوات على جمالية الخط والرسم، يعود الفنان إلى فلاسفة الإغريق، حيث كانوا يرون أن عملية التفكير مرتبطة باليد؛ لأن الكلام واليد مرتبطان بعضهما ببعض بشكل محكم، وإذا عجزت اليد تعجز عن التداخل مع العالم المباشر عبر الكتابة أو التعاطي مع المواد، فهذه خسارة كبيرة، ليس للفن فقط بل للذكاء البشري.
وانتقل الفنان جميل للحديث عن علاقة الموسيقى بالتشكيل، مؤكداً أن فن الإيقاع موجود في لوحاته، ويظهر في التواتر بين الخطوط والأشكال، ويوحي بالوقع الموسيقي، وأشار إلى أن لديه أصدقاء موسيقيين توحي لهم اللوحة بالموسيقى، وهو يرى أن الموسيقى فيها جانب من الرسم ويوجد ارتباط بين فرشاة الرسم وريشة العزف الموسيقي، وأشار إلى أن اللوحة تشبه حديقة يمكن التجوال في معالمها.
 وحول أهمية المثابرة بالعمل ونضج التجربة الفنية، يشير د. جميل إلى أنه ليس بفنان راضٍ عما أنجزه تماماً مئة بالمئة؛ لأن الفنان في حالة بحث مستمر وحسب التطور الذي يحدث في العالم. ويختتم بتأكيد أن «فن أبوظبي» معرض مهم للغاية، ويثري ثقافة الفنانين الذين يوجدون فيه، حيث يدور النقاش حول الأعمال المعروضة، وهذا غنى للفن بشكل عام.