سعد عبد الراضي
جلال لقمان، فنان وافق فنه إنسانيته، ليؤكد أن موهبته مفطورة، ومترعة بأريج الوضاءة، فبعد أن أكلت النار معظم أعماله التي أنجزها، خلال أكثر من أربعين سنة، وقف شامخاً قوياً في معرضه: «ما لم تأكله النار» ليغرس في مشواره نبتة الأمل.
كأي يوم آخر في شهر مايو الماضي، كان رائد الفن الرقمي في دولة الإمارات يقضي ساعاته كالعادة أمام الكمبيوتر، ليكمل بعض التصاميم والكتابات، وعندما كان يهم كعادته بممارسة رياضة المشي التي اعتاد عليها، وصله الخبر الذي لا يتمناه أي فنان تشكيلي، وهو أن المستودع الذي يضم أعماله الفنية التي أنجزها خلال 34 عاماً من رحلته قد احترق.
وعن الخروج من ألم «مالم تأكله النار» يقول لقمان: «في لحظة ضعف حزنت عندما وصلني خبر احتراق أكثر من 60 عملاً لي بين لوحات ومجسمات، وهي التي كانت مصدر رزقي ومشوار حياتي، حزنت وانشطر قلبي، ونزلت دمعة واحدة من عيني. وبعد أقل من أسبوع قررت ألا أنكسر، رفضت أن أدع النار تهزمني. ووجدت زوجتي أم سلطان واقفة إلى جواري تقول لي : «هاي مش نهايتك طول عمرك عصامي وما تستسلم، هذه بداية جديدة»، هكذا تجاوزت صعوبة المشهد، وعدت إلى مكان الحريق، وجمعت البقايا المصهورة والمحروقة من أعمالي الفنية، ثم اشتريت ما استطعت من أدوات ومعدات وأجهزة، وبدأت بإنجاز مجموعة جديدة، وعلى مدى 6 أشهر اتخذت أسلوباً قاسياً للوقوف على أقدامي مرة أخرى».
ومن ضيق الفقد إلى ساحات الأمل يتمنى جلال لقمان إنشاء حاضنة فنية نحافظ من خلالها على الإرث الفني الغني لفناني الإمارات، الإرث الذي سطره جيل الرواد، ويقول: «تمنيت أثناء زيارتي المخزن المحروق، وجمع البقايا من سنواتي المحروقة، لو كان عندي مكان خاص بي، لذا أتمنى أن أرى حاضنة فنية تحافظ على المنتج الفني والإبداعي الثري لفناني الإمارات».
وعن المفقود والمتبقي من أعماله ومشروعه المستقبلي، يقول لقمان: «أبتعد عن الخوض في الماضي والمفقود، لأنها مضيعة للوقت بعد أن تعلمت الدرس، تعلّمت أن الإيمان بقدر الله أكبر قوة ممكن تكون عند أي شخص، لأنها تعطيك أملاً خالصاً وقوة على الوقوف من جديد، وفي النهاية، فازت الإيجابية، والنتيجة كانت 15 منحوتة من بقايا المنحوتات المصهورة، 12 عملاً لفن تشكيلي رقمي وذكاء اصطناعي، و3 أعمال غامرة بتكنولوجيا متعددة الحواس، و3 أعمال لم تحرقها النار.