محمد نجيم

علي البوخاري، فنان تشكيلي وحروفي مغربي، تحضر في لوحاته الرموز والعلامات التي يحفل بها التراث المغربي والإسلامي، تجربته غنية بمقومات لونية وعلاماتية. يعمل البوخاري في سردياته البصرية وفق ضوابط محكمة لا تخرج عن سياق الفن الإسلامي وتؤشر على إرث عريق مستمد من الثقافة المغربية ومخزونها الثري.
يقول الفنان البوخاري لـ (الاتحاد): «المواد التي استعملها في إنجازاتي هي تقنية مادة صباغة «الاكليريك»على أسندة القماش وفي بعض الأحيان أقوم باستعمال تقنيات مزدوجة بمعنى صباغة الأكليريك أو صباغة مائية ممزوجة بمواد أخرى كالغراء الأبيض، وكذلك مادة صمغ الجوز. كما اشتغل في بعض الأحيان على أسندة أخرى مثل الخشب والجلد، بمعنى آخر اشتغل حسب الإمكانيات المتاحة والتي تساير نوع العمل وموضوعه. 
ويضيف: «أسعى دائماً إلى ضرورة النظر وبكل عمق في كيفية صياغة الفكرة لتكون بوصلة أحدد من منطلقها بناء مواضيعي وترجمتها تشكيلياً مستجيبة لكل المبادئ الأساسية الخاضعة لقانون التكوين. وذلك عبر الإمكانيات المتاحة التي تساهم في تطوير ذاتي وفكري معاً، وذلك عبر تجربة الغوص في البحث والاكتشاف اللذين يساعداني للوصول إلى المصادر الجوهرية من مخزون ما هو حضاري وتاريخي، تراثياً وثقافياً.. إلخ. فشخصياً، وطيلة سنوات خلت، بقيت إلى الآن وفياً لأصالتي التراثية عبر إخضاعها في كل عملياتي الإبداعية، وذلك من خلال ما أستلهمه من الأصول الحضارية والتاريخية، ولاسيما ماهو مرهون بالمخزون التراثي والثقافي منه الأمازيغي والعربي لأهميته، أي المخزون الذي أؤمن به شديد الإيمان، من منظور معرفي وبعدٍ روحي. وأستطيع من خلاله فتح كل أبواب الحرية بخصوص التعبير الذاتي وإيصال الخطاب الصادق للمتلقي».
 يضيف البوخاري: «أما فيما يخص الاتجاه الذي أنحو نحوه فهو اتجاه بأسلوب تعبيري تجريدي أزاوج فيه بين ضروب متعددة مستقاة من التراث المحلي المغربي (عناصر من العمارة سواء أكانت أمازيغية أو عربية، وكذلك عناصر مأخوذة من الحلِيّ والرموز والعلامات وكذلك الزخرفة الإسلامية... إلخ) وإدماجها ببعض من عناصر الحرف العربي، وقد أترجمها أحياناً في أعمال أخرى بعناصر من الحَرف الأمازيغي المعروف بـ (تيفيناغ)، وذلك ضمن قالب تكويني يكون مسؤولاً عن الوحدة الكاملة لمجموع العناصر. ومنفذة بتقنية صباغة الإكليريك تارة، أو بتقنية مزدوجة يحظى اللون فيها بقانون الأهمية هو أيضاً، حيث استخدم من خلاله خلفيات غائمة وتارة ساطعة بدرجات قيمية متفاوتة تتخللها مساحات ضوئية تلتف حول الحروف، وما حولها من العناصر المدمجة معه في سياق التوازن والتجانس داخل التكوين العام بحركياته وإيقاعاته الكامنة داخل الحروف، والذي يترك بعض الفراغ في الفضاء يجيز للمتلقي نوعاً من الارتياح البصري يكون كافياً بأن يجعله متفرجاً متفاعلاً».
شحنات جمالية
أعمال الفنان علي البوخاري تؤكد حضورها بقوة في المشهد التشكيلي المغربي والعربي جاعلاً من الحرف بصمته الأيقونية، التي تحمل مادة فنية وجمالية وبلاغية قوامها سحرية الخط العربي وبعده الروحي الذي يرسل شحنات جمالية تريح العين وتُمتّع الروح لما توفره للمتلقي من سمو وقوة تعبيرية مدهشة.