أبوظبي (الاتحاد)
تتواصل الجهود المُكثفة لاستكمال أعمال الإنشاء والبناء في المنطقة الثقافية في السعديات، والتي بلغت أكثر من 83% نهاية سبتمبر 2024 حسب دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي.
وبهذه النسبة المُعلنة، تكون ملامح أحد أكبر تجمعات المؤسسات الثقافية في العالم قد بدأت تتضح أكثر فأكثر، لتُعلن مرحلة جديدة من التطور الثقافي والعلمي والمعرفي القائم على التاريخ والإرث الغني لدولة الإمارات العربية المتحدة والمنطقة والعالم أجمع.
تجسد المنطقة الثقافية في السعديات رؤيةً غرس بذورها منذ أكثر من سبعة عقود ورسّخها الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، الذي آمن بدور المعرفة والثقافة في بناء الأمّة، ومنذ الخمسينيّات، حدّد الأجندة الثقافيّة وكشف للعالم التاريخ الغنيّ لدولة الإمارات العربية المتحدة من خلال الحفريّات والاكتشافات الأثريّة.
وفي عام 1971، عام تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة، افتتح الوالد المؤسس متحف العين، وألحقه بافتتاح المجمّع الثقافيّ عام 1981، والذي أصبح ركناً أساسيّاً لمجتمعات أبوظبي المتنوّعة.
وتستمر الجهود لإحياء إرث الوالد المؤسس تحت رعاية صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وسموّ الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، وليّ عهد أبوظبي، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي.
ومؤخراً، زار سموّ الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، يرافقه معالي محمد المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، المنطقة الثقافية مُطلعاً ومُستمعاً من الكوادر الوطنية على مراحل الإنجاز.
وأكد سموه أن دولة الإمارات العربية المتحدة تضع صون التراث الوطني ضمن أهم أولوياتها، مشيراً سموّه إلى حرص القيادة الرشيدة على ترسيخ مكانة العاصمة كمركز عالمي للثقافة والإبداع.

منصة مثالية  
ومن جهته، أوضح معالي محمد خليفة المبارك أنّ المنطقة الثقافية في السعديات تُجسد منصة مثالية لتعزيز الحوار وتبادل المعرفة، وتمكين المنطقة وجنوب الكرة الأرضية، مُستفيدة من القوة التحويلية للثقافة والإبداع والفرص لتمكين المشهد الثقافي العالمي المتنوع. وتُسهم المنطقة الثقافية في السعديات بعرض تراثنا الغني وتُرسخ الروابط عبر الثقافات، بما يُعزز الفهم والإدراك العالمي بأرضنا وتاريخنا.
تحتضن المنطقة الثقافية في السعديات أول متحف عالمي في المنطقة والعالم العربي متحف اللوفر أبوظبي، والذي يدعو زواره لاستكشاف مقتنياته ومجموعاته الفنية التي تغطي آلاف السنين من التاريخ الإنساني وأعماله التي تروي قصص الإبداع البشري التي تتجاوز الحضارات، والمكان والزمان، وهو يركز من خلال معارضه على خلق حوار ثقافي.
وإلى جانب اللوفر أبوظبي، ومن موقعها في قلب المنطقة الثقافية في السعديات، تُعد منارة السعديات منصة ومساحة للفنون والأنشطة الثقافية والفعاليات المجتمعية، وتستضيف سنوياً معرض فن أبوظبي، المعرض الفني السنوي، والقمة الثقافية أبوظبي. وبالقرب منها، يقع بيركلي أبوظبي، أول فرع لكلية بيركلي للموسيقى في الشرق الأوسط لتعليم الموسيقى المعاصرة وفنون الأداء. 
ومع افتتاحه عام 2025، سيروي متحف زايد الوطني، المتحف الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة، قصة تطور الدولة وثقافتها والمنطقة من عصور ما قبل التاريخ حتى الوقت الحاضر، من خلال معارضه المتنوعة وبرامجه العامة المتخصصة ومركزه للبحوث العلمية المُعمقة والمتقدمة. كما يحتفي المتحف بإرث المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، وتاريخ الدولة وثقافتها الغنية.
ومن خلال دوره كمؤسسة بحثية وعلمية ومركز تعليمي رائد للتعرف على قصة تطور كوكبنا، يهدف متحف التاريخ الطبيعي أبوظبي إلى بناء شغف دائم بالعالم الطبيعي لدى الزوار من جميع الأعمار.
وسيكون متحف التاريخ الطبيعي أبوظبي جزءاً من مجتمع عالمي أوسع من متاحف التاريخ الطبيعي التي تسخر كامل طاقاتها للتثقيف وإعداد الأبحاث العلمية ونشرها. ويستكشف متحف التاريخ الطبيعي أبوظبي أيضاً، من خلال دمج البحث العلمي والثقافي، التنوع الطبيعي والثقافي لكوكبنا، ما يثري حاضرنا ويرسم ملامح مستقبلنا.

مستقبل مشرق  
وستحتضن المنطقة الثقافية في السعديات متحف جوجنهايم أبوظبي الذي يُعد المتحف الأبرز في المنطقة للفن العالمي المعاصر، مع التركيز بشكل خاص على فنون منطقة الخليج العربي وغرب آسيا وشمال أفريقيا وجنوب آسيا، سعياً إلى ربط الثقافات وإلهام الناس من خلال الاحتفاء بالفن.
وسيشكل جوجنهايم أبوظبي منتدى للفنانين والقيمين الفنيين والباحثين، الذين يمثلون وجهات نظر فريدة من جميع أنحاء العالم، ويعزز قوة الخيال ويحتفي بتنوع الإبداع البشري.
ويشكِّل تيم لاب فينومينا أبوظبي وجهة لمحبّي الاستكشاف، حيث يحتضن أعمالاً فنية تركيبية غامرة تتغيَّر باستمرار، مُصمِّمةً بناءً على مفهوم تيم لاب الجديد عن الظواهر البيئية، المرتكز على نتائج عملية واسعة من البحث والتطوير، لتشكِّل تجربة فريدة في أبوظبي.
وقد تعاونت دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي مع «ميرال»، الرائدة في مجال تطوير الوجهات والتجارب الغامرة في أبوظبي، لتطوير تيم لاب فينومينا أبوظبي، الذي يوفر مساحاتٍ فنية يلتقي فيها الفنُّ مع التكنولوجيا لإثارة الفضول والخيال والإبداع.
ويعد تيم لاب فينومينا أبوظبي رحلة تجريبية تمتد على مساحة 17.000 متر مربع، وهي مساحة مُلهمة يلتقي فيها الفنُّ مع التكنولوجيا لإثارة الفضول والخيال والإبداع، من تصميم تيم لاب من العاصمة اليابانية طوكيو.
وصَمَّم المهندسون المعماريون في تيم لاب وشركة MZ Architects الإماراتية مبنى المشروع، ليكون بيئةً تمكِّن الأعمال الفنية من التطوُّر طبيعياً بحريَّة.
وأضاف معالي محمد خليفة المُبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي: «تُجسّدُ المنطقة الثقافية في السعديات التزام أبوظبي بالحفاظ على تراثها الخاص وموروث الإنسانية جمعاء معاً، وتعكس تبني الإمارة رؤية تقودنا إلى المستقبل المشرق، حيث ستلعب المنطقة دوراً مؤثراً، عبر الأجيال، برسالة التنوع الثقافي وتعزّزها وتحتفل بخصائصها المشتركة، استمراراً لدور أبوظبي التاريخي كملتقى للحضارات». 

تجربة فنية متعددة الحواس 
يقدم «تيم لاب فينومينا أبوظبي» - الذي وصلت نسبة الإنجاز فيه إلى 93% - تجربة فنية متعددة الحواس مكونة من 17معرضاً فريداً، تأخذ الزوار في رحلة غامرة تتجاوز الحدود التقليدية للحواس. تم تصميم هذه المعارض لإثراء حواس البصر والسمع واللمس، مما يفتح آفاقاً جديدةً للتفاعل الإنساني، ويعزز التواصل مع البيئة المحيطة بشكل أعمق وأكثر تأثيراً.
تجمع هذه المعارض بين عناصر الفن والتكنولوجيا، حيث تتكيف باستمرار مع محيطها لتقدم تجربة حية ومتطورة، تضمن لكل زائر رحلة استثنائية، وتمكن الزوار من التفاعل بطرق مبتكرة مع العالم من حولهم.
ويتمحور مشروع تيم لاب فينومينا أبوظبي حول البيئة الفريدة وما توفِّره من ظواهر متنوِّعة، حيث تُكوِّن البيئة الظواهر وتُرسِّخها لتتحوَّل إلى أعمال فنية قائمة بذاتها. ولا تتخذ الأعمال الفنية في تيم لاب فينومينا أشكالاً مستقلة، مثل الأعمال الحجرية وغيرها من الإبداعات البشرية، بل تتغيَّر باستمرار بناء على الظواهر البيئية لمحيطة بها.
ويستمر العمل الفني في الظهور، ويحافظ على وجوده، طالما تمَّ الحفاظ على البيئة المحيطة به، ويزول بغياب العناية بهذه البيئة. وبهذا يتوسَّع إدراك الزائر بمرور الوقت ليركِّز على البيئة، بخلاف العناصر المادية الجامدة التي تحافظ على كينونتها بغياب التأثيرات الخارجية. ويعكس هذا المفهوم جوهر الحياة بوصفها ظاهرة مذهلة تتمحور حول العمل المتواصل.
وأوضح مصممو تيم لاب فينومينا أبوظبي، التحديات التي ستواجه الجميع لوصف كيفيّة تفاعل الهندسة المعمارية مع المساحات الداخلية الشاسعة للهيكل بشكل متماسك.
وفي هذا الخصوص، وصف تاكاشي كودو، أحد الأعضاء المؤسسين لمجموعة تيم لاب الفنية في طوكيو: «في تيم لاب نصنع أشياءً يصعب شرحها بالكلمات».
وأضاف: تم تصميم الهندسة المعمارية لتيم لاب فينومينا أبوظبي، من الداخل إلى الخارج ومن الخارج إلى الداخل، ما يؤدي إلى إنشاء هيكل يحيط بالتجربة بدلاً من الضغط بشكل قسري داخلها. لذا قد يشعر زوار تيم لاب فينومينا أبوظبي على سبيل المثال أنّهم غير قادرين على استيعاب حجم المساحة التي بدأ منها. لذا، نأمل أن تصبح كل رحلةٍ مخصّصة لكل زائرة وزائر.
ومن الأعمال الفائقة الحساسية إلى تلك التي تنشأ الشعور بالهدوء، قد تدفع هذه الروائع المستقبلية حدود تكنولوجيا الفن، لكن المشاعر التي تثيرها قديمة قدم الإنسانية، حيث تم تصميم كل واحدة منها لتغيير الإدراكات والطريقة التي نرى بها العالم.