محمد عبدالسميع (الشارقة)
نظم النادي الثقافي العربي في الشارقة، ندوة أدبية بعنوان «نظرة إلى الشعر العربي في راهنه»، شارك فيها كل من الدكتورة بديعة الهاشمي، والدكتور صالح هويدي، والناقد عبد الفتاح صبري، وأدارها الصحفي محمد سالم، وذلك بحضور الدكتور عمر عبد العزيز، رئيس مجلس إدارة النادي.
في تقديمه للأمسية، ذكر ولد سالم أنه منذ أن دخل العرب عصر الحداثة، لم يتوقف الشعر عن الحركية والتطور، وكان هناك دائماً تجاذب بين مختلف الرؤى الفكرية والإبداعية فيه، بين القديم والجديد، والأصيل والمعاصر، وقد خلف ذلك التجاذب في كل فترة تطورات انعكست على النص الشعري العربي فظهرت فيه أنماط شكلية وأسلوبية متعددة.
كانت الدكتورة بديعة الهاشمي أول المتحدثين، وقد تمحور حديثها عن (القصيدة العربية المعاصرة: السمات والحضور)، وطرحت أسئلة حول ماضي وراهن الشعر، وقالت: «إن تنوّع المضامين والموضوعات هو السمة الغالبة للشعر في يومنا الراهن. أما على المستوى الفني، فإنه من الملاحظ أن الشاعر المعاصر أصبح يستفيد من مدارس الشعر واتجاهاته السابقة. لذا، نجد من الشعراء اليوم من يجاري نمط القصيدة الكلاسيكيّة العموديّة ويعارضها. ومنهم من يسير على نهج الشعراء الرومانسيين، في تأملهم وفلسفتهم الخاصة التي تتجه نحو ذات الشاعر والوجدان والطبيعة والإنسان.. وفي الوقت، نفسه نجد قصيدة النثر برمزياتها وصورها الكلية ولغتها المكثفة الموحية، تثبّت قواعدها وتفرض وجودها في دواوين ونتاجات الشعراء اليوم».

تنوّع وتجدد
وأضافت الهاشمي: «على صعيد المشهد الشعري الإماراتي، ألاحظ تنوّع الأصوات الشعريّة وتجدّدها.. فهناك الأصوات الرائدة أمثال: مانع سعيد العتيبة، وحمدة خميس، وكريم معتوق، وصالحة غابش، وخلود المعلا، وشيخة الجابري. كما يلمس، بشكل واضح، دخول أصوات إماراتية شابة إلى الساحة الشعريّة، تكشف عن مواهب وتجارب متفاوتة، وتبرز تنوّعاً واضحاً في شكل القصيدة ومضامينها، إذ تحضر القصيدة العموديّة في نتاجاتهم وإصداراتهم الشعرية متجاورة مع قصيدة التفعيلة، متصالحة مع قصيدة النثر».
وأشارت الهاشمي إلى أن مسابقات أدبيّة مثل: أمير الشعراء وجائزة الشعر العربي التي تنظمها ندوة الثقافة والعلوم، وجائزة البردة، وجائزة الشارقة للشعر العربي، وجائزة الشارقة لنقد الشعر، وتخصيص مجالات خاصة بالشعر في جوائز ثقافية وأدبية أخرى، مثل: جائزة الشارقة للإبداع العربي، وجائزة الشارقة لإبداعات المرأة الخليجية، وجائزة راشد بن حميد للثقافة والعلوم، وغيرها من الجوائز، هي محرّك مهم للإبداع الشعري العربي، ومحفّز للشعراء بشكل دائم ومستمر بلا شك.
معاناة وتفكك 
الدكتور صالح هويدي استهل مداخلته بالقول إن الواقع العربي الراهن بما يشهده من معاناة وتفكك وانشغال بالماديات لا يبعث على الشعر، ولا يحفز الشعراء على الانشغال به، فقد ضعف الاهتمام به، ولم يعد له ذلك الوهج والحضور الذي كان له في السابق.
وأضاف هويدي أن من سمات الشعر في الراهن الاختزال واللغة الشذرية، والحضور البارز للمرأة كموضوع وكمبدعة، كما أن القصيدة لم تعد متناغمة مع الساكن، فهي في تحول دائم وإن كان ذلك التحول ليس مرئياً في كل الأحيان لكنه يحدث في كل حين.
أما الناقد عبد الفتاح صبري، فقد خصص مداخلته لراهن الحداثة الشعرية الإماراتية، واستهله بالسؤال: «لماذا نرفض الحداثة ونتوقف أمام الجديد؟ في عصر الذكاء الاصطناعي، الذي اخترق كل الأنساق والأنظمة وفتح المستقبل على مصراعيه، فلم يعد شيء ثابتاً ولا ساكناً، فالحداثة واقع لا مناص منه.
ثم عرج صبري على تاريخ الحركة الشعرية الحديثة في الإمارات التي انطلقت في النصف الأول من القرن العشرين مع «شعراء الحيرة» في الشارقة وصولاً إلى العقدين الأخيرين من القرن العشرين، ثم إلى الوقت الراهن الذي هو عصر الذكاء الاصطناعي، الذي يطال كل شيء، مؤكداً أنه لم تعد هناك قداسة أدبية، وأصبح الواقع الشعري مفتوحاً على كل الاتجاهات وكل الأنماط.