محمد عبدالسميع

أكّد كتّاب وأدباء أهميّة الدور الحضاري والتنويري الثقافي الذي يقوم به معرض الشارقة الدولي للكتاب، فعلى مدار أربعٍ وثلاثين دورة، استطاع أن يجمع بين ثقافات العالم، ويؤسس لحوارات فكريّة مستمرة، تعززها المبادرات وحركة الترجمة وورش التدريب والمؤتمرات ذات العلاقة، والاستضافات العربية والعالمية ضمن أعماله، فضلاً عن الدور الرائد له في صناعة النشر والكتاب، وتعزيز دور المبدعين في كلّ حقول الثقافة والإبداع.
ويقول الرئيس التنفيذي لمعرض الشارقة الدولي للكتاب أحمد بن ركاض العامري، إنّ المعرض  ليس مجرد مناسبة أو حدث ثقافي سنوي على أجندة فعاليات الشارقة، بل هو صورة حية لهوية مشروع حضاري كبير يقوده صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، لذلك، فإن الحديث عن دور المعرض لا يقتصر على صناعة الكتاب فقط، بل يتجاوز ذلك ليعكس جوهر القيم النبيلة التي تكتنز فيها الثقافة العربية أمام العالم، ويقدم نماذج للعقول المبدعة التي تعبّر عن وجدان مجتمعاتنا العربية، لتكون قدوة للأجيال الجديدة، بالإضافة إلى دوره في رفع معايير الفعل الثقافي الإماراتي والعربي إلى مستويات عالمية تتناسب مع تاريخنا ومستقبلنا.
ورأى العامري، أنّ الأثر الثقافي متعدد الأبعاد للمعرض لا يكفي فقط لقراءة حجم تأثيره عربياً وعالمياً، فقد نجح المعرض في تغيير مفهوم التنمية في المنطقة، من تنمية قائمة على العمران إلى تنمية قائمة على الإنسان، وعلى مستوى وعيه ومعرفته، فعلى مدار أكثر من أربعة عقود، ساهم المعرض في بناء معارف أجيال من القادة وصنّاع القرار والمبدعين، وظلّ المحطة التي يتجهون إليها كل عام لتزويد مكتباتهم، والالتقاء بمبدعين ومفكرين وفنانين من مختلف أنحاء العالم.
وبالإضافة إلى ذلك، أكّد العامري، أنّ المعرض أحدث تحولاً في مفهوم الدبلوماسية الثقافية، حيث ساهم في مدّ جسور التواصل والتعاون بين الإمارات وبلدان المنطقة والعالم، ليس على المستوى الثقافي فقط، ولكن على مختلف المستويات، فقد ظل المشروع المركزي الذي يعبّر عن المشروع الحضاري الكبير لإمارة الشارقة، والتي من خلالها تنظر عواصم المعرفة والإبداع في العالم إلى تجربتنا الفريدة.

صناعة الوعي
وقال الناقد والأديب السوري د. أكرم قنبس إنّ معرض الشارقة الدولي للكتاب بات رمزاً من رموز المعرفة العربيّة والعالميّة، ودليلاً ساطعاً على تنمية روح التّسامح والتّواصل العرفي بين شعوب الأرض قاطبة.
وعن مدى تمثيل المعرض للمنطقة العربيّة في الحوارات والنّقاشات الثّقافيّة الدّوليّة، قال إنّ معرض الشّارقة الدّوليّ للكتاب أصبح بمثابة المنارة الفكريّة والمعرفيّة والثّقافيّة والإبداعيّة بتوجّهاته المتعدّدة، ففي كلّ دورة له تكون هناك محاضرات وندوات ولقاءات يستضاف فيها أعلام الفكر والمعرفة والثّقافة والإبداع لنقل تجاربهم، وإجراء الحوار الفكري والثّقافي والمعرفيّ الهادف الّذي يُعزّز التّلاقح المعرفيّ بين أبناء الوطن العربيّ من جهة، وبين شعوب العالَم الأُخرى من جهة ثانية، وبالتّالي تتواشج الأفكار لتشكّل لوحة عالميّة للحِوار العالميّ الّذي يُعزّز مبادئ التّسامح الفِكري والتّعايش الإنسانيّ، والّذي يُعزّز بدوره الأمن العالمي.
وأكدت الناقدة د. مريم الهاشمي أنّ معرض الشارقة للكتاب يُعدّ واحداً من الأمكنة المرتبطة بحياة الكثيرين، حيث تشكلت فيه شخصيات ثقافية عديدة، ويمتلك سطوة إيجابية في عالم مختلف ومتميز عن العالم الخارجي، عالم يجمع بين كل الأقطاب الفكرية العربية، وقد امتد على مدى سنوات إلى الثقافات غير العربية، مُشكِّلاً مجتمعاً يلتقي فيه الكتاب والفكر والقلم.
ورأت الهاشمي أنّ معرض الشارقة للكتاب من المنصات الثقافية التي هي بمثابة مؤسسة ثقافية مستقلة تعمل من أجل النهوض البشري، وهي بمثابة منصة تقوم على الاهتمام بالذات البشرية وتمكّنها من الولوج إلى عوامل الفكر والثقافة والإبداع، بحيث تشكّل ذائقته ورؤاه لنفسه أولاً وللعالم من حوله، كما أن معرض الشارقة للكتاب بتاريخه المرتبط بالذاكرة الإنسانية يقدم وعلى الدوام العديد من المبادرات في سبيل الإفادة من كل النتاج البحثي والإبداعي.

خريطة الثقافة
وأكد الكاتب والباحث فهد المعمري أنّ معرض الشارقة الدولي للكتاب أصبح وجهة ثقافية رئيسة للمثقفين، من خلال الأدوار التي حققها عبر تقديم منتج ثقافي متنوع يشمل الورقي والإلكتروني والرقمي والتفاعلي، ويغطّي مختلف الموضوعات ذات العلاقة بالإبداع والفكر.
وأضاف، أنّ المعرض أصبح محطة للجميع، حيث يمكن للزوار الحصول على ما يرغبون فيه من معرفة، كما أنّه يتمتع بثقة الزائرين الذين يثقون بما يقدمه من موضوعات ثقافية متنوعة، تشمل القراءة، وألعاب الأطفال، والمحاضرات، والورش العلمية، وحفلات توقيع الكتب، وفن الطبخ، وفي هذه الدورة، ستشارك الموسيقى بفنها العالمي في هذا التجمع الثقافي الكبير.
وقالت الكاتبة مريم المزروعي، إنّ معرض الشارقة للكتاب استطاع استقطاب العديد من أبرز دور النشر على المستويات المحلية والعربية والعالمية، كما تؤكد المزروعي رسالة المعرض وأدواره الثقافية، وشعاره هذا العام «هكذا نبدأ»، الذي يدلّ على أنّ كل إبداع يبدأ من الكتاب، فهو أصل كل فن.
ورأت أنّ المعرض يمثل ساحة معرفية ضخمة لتبادل الخبرات والمعارف، والتأكيد على الانتماء للهوية الوطنية، كما أنّه نسيج يتألف من القيم والتقاليد والأفكار التي تتفاعل لتشكل هويتنا الإنسانية المشتركة، وقد أسهم في تطوير المشهد الثقافي العربي والعالمي.
وقالت د.عائشة الغيص، إنّ معرض الشارقة الدولي للكتاب لعب دوراً معرفياً كبيراً في الثقافة والأدب، من خلال توفير شتى أنواع الكتب والمنتجات الثقافية، ما يجعل الباحث يجد بغيته وضالته لتنمية الفكر. كما أنّه يشكل نافذة على عالم ممتلئ بالعلم والمعرفة، وواحة غنية تحتضن الإنتاج الأدبي والعلمي، إذ يعد من أهم المعارض الدولية الخاصة بالكتاب، حيث يجذب المفكرين والأدباء والفنانين من كل حدب وصوب. وقد ساهمت منصة المعرض في تعزيز حضور العديد من الموضوعات الفكرية والتوجهات المعرفية، خاصة في مجالات الأدب والشعر والإبداع، من خلال استقطاب أفضل لذوي المعرفة والفكر.

دعم الشباب  
ورأت الكاتبة نوف الحضرمي، أن المعرض أضاف رونقاً إبداعياً للساحة الثقافية، حيث أدى دوراً كبيراً في إحياء المهارات والمعارف بين الدول المشاركة، ما عزز من حضور المجتمعات الثقافية من خلال البرامج والأنشطة.
وأكدت أنّ المعرض حقق نجاحات كبيرة على الصعيدين المحلي والعالمي، من خلال بناء منتج ثقافي يتميز ببراعة المقدمة التحفيزية لدور الشباب الإماراتيين من المؤلفين والمؤلفات في مختلف الموضوعات.
وتضيف أنّ دور معرض الشارقة الدولي للكتاب مهم وفعال في بناء قواعد الإبداع، من خلال طرح ثقافي ملهم يشمل كل النطاقات الكتابية.
وقالت الكاتبة شيماء المرزوقي، إنّ معرض الشارقة تجاوز مفهوم معرض الكتاب ليصبح مؤتمراً وملتقى ثقافياً ومعرفياً على مستوى العالم العربي والعالم بصفة عامة، فقد بات الاحتفاء بالكتاب وصناعته من ضمن عشرات المهام والأدوار التي يقدمها المعرض في كل دورة من دوراته.
وأشارت إلى ما يقام من حوارات حول الثقافة وصناعة الكتاب، حيث يتم تبادل الأفكار والمواضيع المتعلقة بالثقافة، ومتابعة آخر المستجدات في عالم الأدب والمعارف العامة، فكأن معرض الشارقة هو بوصلة توجه المشتغلين بالكتابة الإبداعية وصناعة الكتاب نحو الاتجاهات العالمية. 

تعزيز الترجمة
ذكرت الكاتبة فاطمة الحوسني من الأدوار الثقافية التي حققها معرض الشارقة في المنتج الثقافي دعم نشر الأعمال المحلية والعربية والعالمية، وتعزيز حركة الترجمة، مما ساهم في وصول الإنتاجات الثقافية العربية إلى جمهور أوسع وتمكين الكتّاب الجدد وإتاحة فرص التفاعل بين الكتاب والقراء.
وعن الاستفادة من المبادرات الثقافية الوطنية رأت الحوسني أنّ المعرض يمثل منصة لتفعيل المبادرات الثقافية التي تدعم القراءة والكتابة والترجمة، وهو ما يعزز الهوية الثقافية الوطنية، ويشجع الإنتاج الأدبي والفكري المحلي.

ثقافة حقيقية
يؤكد الأكاديمي المصري د. محمد عبدالسلام، أنّ معرض الشارقة الدولي للكتاب أفرد مساحة شاسعة تمتد إلى العالمية، حيث شكل اسمه ومكانته وموضوعاته والحرية التي يمنحها للناشرين والكتاب تميزاً وضعه في مصاف المعارض المتميزة والبارزة في المجال المعرفي بكل الآليات التقنية الحديثة، باعتباره داعماً دائماً للكتاب والناشرين والمبدعين على اختلاف مناحي الإبداع لخدمة المعرفة والثقافة الحقيقية.

ندوات وحوارات
يرى الشاعر والإعلامي المصري أشرف عزمي، أنّ معرض الشارقة للكتاب نجح في أن يكون منبراً لكل المبدعين في الإمارات، بل وفي الوطن العربي أجمع، فقد نجح في إتاحة الفرصة للمبدعين لنشر إنتاجهم الإبداعي بصورة تليق بهم وبمنتجهم المعرفي، كما حرص على أن يكون مرآة للدولة في رفع درجة الوعي، من خلال المبادرات الثقافية الوطنية، وتوصيل الرؤية المعرفية والثقافية للعالمية.
وينطلق الشاعر المصري عصام بدر من أنّ المعارض المحلية والدولية للكتاب بشكل عام تشكل منفذاً ضرورياً ونوافذ مهمة لكل مهتم بالقراءة والثقافة في شتى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية وغيرها، ويأتي معرض الشارقة الدولي للكتاب كأبرز هذه النوافذ والروافد الثقافية المهمة في العالم، حيث يحظى باهتمام كبير من زواره، ليشكل منصة معرفية وثقافية وفكرية.
وأكد الشاعر السعيد المصري، أن اكتشاف الأصوات الإبداعية والأدبية والفكرية الجادة، والنظر بعين الاهتمام للرؤى الشابة، ظلّا هاجساً رئيساً لدى شارقة الإبداع العربي، من منطلق إقامة الحوار الخلاَّق بين الأجيال المختلفة، وتفعيل المشهد الثقافي وإثرائه.