فاطمة عطفة (أبوظبي)

صدر للشاعرة عائشة الكعبي ديوان شعري بعنوان «لا أشتري فرحاً مستعملاً» عن «دار العين للنشر» في القاهرة، قصائده منسوجة بلغة وجدانية صافية وصور فنية جمالية مبتكرة تثير دهشة وخيال القارئ، وكأن الشاعرة ترسم أحلام الطفولة بألوان مائية شفافة، يمتزج فيها الحزن بالفرح، والحب بالفراق، والخبز المحترق بحرمان الفقراء، والقمر بالقصيدة.  
يحتضن الديوان قصائد تعبر عن أطياف واسعة من العواطف الوجدانية العميقة في صور إنسانية غامضة وجديدة بكل ما في الإبداع الشعري من تجديد وإثارة لقراءته مراراً للمزيد من المتعة والفائدة. 
وعن دلالة وعنوان الديوان الذي يوحي بالحزن، وهل الحزن ضرورة في حياة الإنسان، تقول الشاعرة عائشة الكعبي: «الحزن ضرورة من ضرورات الإنسانية، فالأرواح التي لم يصهرها الحزن، لا تتخلص من شوائب الأنانية ولا تصفو معادنها تماماً من وجهة نظري».
أما عن اختيار العنوان فهو عنوان إحدى قصائد الديوان الذي يضم بين دفتيه ما يربو على سبعين قصيدة، وأظن أنني وُفّقت في اختياره ليس لأنه الأكثر تميزاً بين العناوين، ولكن لأنه الأكثر قدرة على عكس الحالة الوجدانية لقصائد الديوان بشكل عام.
في القصائد معاناة كبيرة لأسباب كثيرة، منها الفراق، علاقة الشعر بالألم، الوحشة في غياب الحب، حتى العام الجديد تستقبله الشاعرة باستعارة نصف قلب لتلصقه بنصف قلبها الميت،  ولا أجرؤ على الادعاء أنني أعاني أكثر من غيري في هذه الحياة، إلا أنني أعلم يقيناً أن هناك أشخاصاً يخرجون من محك تجربة ما دونما أدنى تغيير، في حين يخرج آخر من ذات التجربة وكأنه قد وُلد من جديد، ولا بد أن أكون محظوظة في منظور آخر، كي أحظى بأكثر من ميلاد غير معلن، يتوافق والتجارب والمحن التي مررت بها.
أما علاء الدين في الحكاية، فيفرك مصباحه السحري طلباً للمارد، والشاعرة فركته من أجل أمنية، هل الأمل يساعدنا في مواجهة المصاعب؟ ولماذا تسقط الأماني بالتقادم في قصيدة ثانية؟ عن ذلك التصور تقول الكعبي: الأمل هو شريعة المكلومين في التحايل على آلامهم، عندما تُشرع الحياة في وجوهنا أبواب التساؤل غير المشروع تقوم غريزة البقاء لدينا بتحويله تلقائياً إلى أماني، لا تلبث أن تتساقط على رؤوسنا بالتقادم، لكنها ضرورية لإبقائنا على قيد الفرح الأدنى المطلوب للاستمرار في محاولات النجاة.
وعن ذكريات الطفولة تقول الكعبي: طفولتنا هي الزوّادة الأولى التي نحملها معنا في رحلة الحياة، ورغم أنها قد لا تحدد بالضرورة وجهتنا المستقبلية إلا أنها غالباً ما تشكل بوصلتنا الوجدانية والإنسانية التي نستعين بها لاحقاً في تحديد اتجاهات مبادئنا.