هزاع أبوالريش (أبوظبي)
صدر حديثاً لمعالي الدكتور جمال سند السويدي نائب رئيس مجلس أمناء مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، كتاب «الهُويّة الوطنيّة في دولة الإمارات العربية المتحدة.. بين خصوصية الثوابت والقيم وعالمية المعايير»، عن الأرشيف والمكتبة الوطنية.
يأتي هذا العمل الأدبي- الوطني ضمن قائمة إبداعات معاليه الفكرية التي اعتدنا عليها من حينٍ لآخر، ويُعد هذا الكتاب سرداً بحثياً جاداً يصب في خدمة الفكر، ويرسّخ دور الهوية الوطنية ومكانتها، في ظل التحديات التي تفرضها العولمة والثورة العلمية والتكنولوجية بتفاصيلها وفصولها وموجاتها المتسارعة على مفهوم الهوية الوطنية في دولة الإمارات.
وقال معالي الدكتور جمال سند السويدي لـ«الاتحاد»: الكتاب يلخّص دور الإمارات وكيفية اهتمامها بمفهوم المواطنة لقياس التطور الاجتماعي والتنمية البشرية، حيث ترتكز على عدد من الأُسس، هي: الهُويّة الوطنيّة، الوحدة، السيادة، الاستقلال، والعدالة، لاسيما أن سؤال الهوية من الأسئلة المحورية التي تشغل المجتمعات كافة، بغض النظر عن مستوى التقدم الذي حققته، فسؤال الهوية مطروح بقوة في المجتمعات كافة، وهو سؤال يشغل كبار المفكرين والباحثين في هذا المجتمع، كما أنه مطروح على النُّخب الفكرية والثقافية، وعلى القيادات السياسية في كثير من البلدان العربية، مضيفاً: ما جعلنا نعمل على هذا الكتاب هو إعادة صياغة الشخصية الوطنية الإماراتية، التي تتبنى قيماً قادرة على التفاعل المتناغم والإيجابي والبنّاء مع التحولات الإقليمية والعالمية الجارية، دون الانجراف وراء التغيرات التي يمكن أن تطمس الملامح المميزة لهذه الشخصية التي تستفيد من المقومات الأساسية، التي قامت عليها تجربة دولة الإمارات، والتي وضع لبنتها الأولى الوالد المؤسِّس، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه.
نتائج واقعية
وتابع السويدي: عملت على الكتاب بمنهج استنباطي، عبر البدء باستعراض المسلَّمات والنظريات والمعارف العامة في مسائل الهوية، والهويتين الوطنية والقومية، وأسسها المفاهيمية، وتطورها التاريخي، وأحدث التوجهات العالمية في مجالات الاجتماع السياسي، منوهاً إلى البعد الآخر في الكتاب الأكثر تخصصاً وهو الموروث الإسلامي الذي تتسم به المنطقة العربية عموماً وشبه الجزيرة العربية خصوصاً، وانعكاسات ذلك وتجلياته في مسائل الدولة والهوية، ليستدل الكتاب أخيراً في ذلك كله على نتائج واقعية حققتها الدولة في العقود الخمسة، التي مرت على تأسيسها اتحاداً فيدرالياً ضم إماراتها السبع في مطلع سبعينيات القرن العشرين.
مفهوم الهوية
وأوضح معاليه قائلاً: «لكي يحقق الكتاب أغراضه تلك، فإنه يستهل طرحه باستعراض مفهوم الهوية نظرياً وتاريخياً في الفصل الأول، بعنوان «مفهوم الهوية الوطنية»، والفصل الثاني من الكتاب حمل عنوان «نظريات الهوية الوطنية والمفاهيم المرتبطة بها»، ويقدم لمحة تاريخية عن تطور مفاهيم الهوية الوطنية، ومن ثم يستعرض مفاهيمها الحديثة وارتباطها بمسارات التطورات التنموية للدول.
وجاء الفصل الثالث بعنوان «الهوية الوطنية في دولة الإمارات العربية المتحدة والتحديات المعاصرة»، ويتناول هذا الفصل الثوابت والقيم الإماراتية وعلاقتها بمفهوم الهوية في الدولة، والمسار الذي تطور عبره منذ نشأة الدولة، وخلال سعيها الحثيث نحو المعايير العالمية، ودستور دولة الإمارات العربية المتحدة.
عمق الرؤية الإماراتية
اختتم معالي جمال السويدي بالقول، إن الكتاب جاء بثلاثة فصول تنوعت في المحتوى الفكري والمعرفي والبحثي، والتقت في المضامين الوطنية التي تلامس تحديات القرن الحادي والعشرين والهويّة العالمية، ومدى عمق الرؤية الإماراتية بتحركات قيادتها الرشيدة- بدءاً من الآباء المؤسسين، ووصولاً إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وإخوانه أصحاب السمو حكام الإمارات- التي تُمثل الضامن لبقاء تلك المرتكزات مجتمعةً في بوتقة الوطن الإماراتي الموحد، وصونها وتعزيزها، وهي الجامع لهويّة مواطنيه وإرثهم الوطني وتاريخهم ومكتسباتهم وتطلّعاتهم ومستقبل الأجيال اللاحقة، بالإضافة إلى تجذير التزامها وطنيّاً من خلال مبادرات وبرامج ومشروعات التربية المواطنية، لا سيما في المؤسسات التربوية والتعليمية والشبابية، بهدف تحقيق الغاية العليا في تنشئة جيل متشبّع بالثقافة الوطنية، جيل قادر ذاتياً ومعرفياً ومهارياً على تطوير الحكم الوطني الاتحادي والديمقراطي، واستدامته في إطار مسيرة الدولة التنموية والنهضوية، كما تصوّرها الآباء المؤسسون للدولة.