هزاع أبوالريش (أبوظبي)
كتاب «النفعيّة»، الصادر عن مؤسسة الفكر العربي، من تأليف الكاتب كريستوف سالفا، وترجمة نصير مروّة، يتناول ماهية «النفعيّة» وفلسفتها عبر العصور من الكلاسيكية إلى المعاصرة، وجوانب من أهم القضايا الأخلاقيّة الكبرى التي تشكّل جزءاً مهماً وتحدّياً كبيراً في ظلّ معضلة إيجاد التوازن بين المصالح الفرديّة والجماعيّة، وأسئلة عدّة يُجيب عنها الكتاب، ويبرز خفاياها بين سطوره، ناقلاً رؤية سردية تجعل القارئ يغوص في عمق المعنى، وفي مضمون الفكرة متنقلاً ما بين جذور النفعيّة الكلاسيكية إلى تطبيقاتها المعاصرة.
توترات وجدليات
الكتاب بين دفتيه يسلط الضوء على زوايا عدة من التوترات والجدليات والفلسفة النفعية بتفاصيلها وفصولها ونظريتها من حيث العلاقة بين الرفاهية واللذة، وكيفيّة تحقيق التوازن بين المصالح الفرديّة والجماعيّة، ونظرية الحالات أو الأحوال العقلية، ونظرية النجاح ونفعيّة التفضيلات، ونظرية اللوائح الموضوعية، والكثير من الحالات النفعية التي يقترب منها المؤلف موضحاً أساسيات الفكرة، والنظرة الثاقبة التي تطوف حولها بدراسة دقيقة، وقراءة فذة.
أربعة فصول
تضمن الكتاب أربعة فصول رئيسية، وهي: النفعيّة الكلاسيكيّة، قياس المنفعة، نفعيّة القاعدة ونفعيّة الفعل، ومبدأ التجرّد، متناولاً تأثير الفلاسفة الأوائل، مثل جيريمي بنتام وجون ستيوارت ميل، مستعرضاً الأشكال المعاصرة، مثل «النيو- نفعيّة»، منوّهاً بين سطوره بالتفكير في القضايا الأخلاقية الكبيرة الراهنة، مثل الفقر العالمي والاحتباس الحراري ومعاناة الحيوانات، وغيرها من القضايا التي تلامس حياة الإنسان، وتساهم في صياغة عالم بشري أكثر تطوّراً وارتقاءً ونباهة.
وتطرق الكتاب بسرديته وأسلوب تناوله إلى حيثيات عميقة في محتواها، ومضمونها المتوازن والرشيق نسبياً، جامعاً بين التحليل التاريخي والفلسفي والتأمل بمجموعة من القضايا الأخلاقية التي تشكل جزءاً مهماً من تحديات مستقبل الإنسانية ورهاناتها المستمدة من واقع الحياة. 
أسس تاريخية للنفعية
الجدير بالذكر أن كتاب «النفعيّة»، هو عرض الأسس التاريخية للنفعية، والصعوبات التي تستثيرها، وكذلك تناميها وتشعباتها وتطوراتها المعاصرة، داعياً القارئ إلى أن يقترب من كثب من الأدوات المفهومية للنفعية، وإلى التساؤلات الموضوعة حول الرهانات الأخلاقية الكبرى لمُجتمعاتنا، مستغلاً المؤلف خبرته كونه مسؤولاً عن الأبحاث في المركز الوطني للبحث العلمي (CNRS)، وعضواً في مركز جيل غاستون جرانجر (جامعة إكس- مارسيليا) في إكس-أن-بروفانس، بالإضافة إلى أنه متخصص في الفلسفة الاقتصادية والأخلاقية، ما جعله يقدم في محتواه ما يلامس شغاف الإنسانية، وجوانب التأثيرات الراهنة على الوجود.