يمر الفن المعاصر في منطقة الخليج العربيِّ، بتحوُّلات استثنائيَّة - تحديداً - في طبيعة تناوله للسِّياقات الاجتماعيَّة والإنسانيَّة، ويكاد يكون أبرز تلك المناقشات الَّتي يتناولها، بحثه في الفضاء التَّفاعليِّ بين المتلقِّي المحلِّي، والعمل الفنِّيُّ العالميِّ، وما يحمله من سرديَّات معرفيَّة قائمة على الثَّقافة الشَّعبيَّة، من حيث الموادُّ الأوَّليَّة، ونسجها كمن يسرد حكايةً من خلال الخامات البدائيَّة، وتطوُّر أشكالها بأبعاد مسكونة بالأسئلة حول الأرض ومواردها الطَّبيعية. وما يستطيعه الفنَّان اليوم باتِّجاه بناء لغة فنِّيَّة، هو أن يتيح للمشاهد فرصة التَّأمُّل بإدراك تامّ، لأهمِّيَّة الحوارات الفنِّيَّة والتَّجلِّيات الإبداعيَّة في إحداث نقلة لفكرة أنَّ العمل الفنِّيَّ حركة مستمرَّة لأسلوب حياة المجتمعات وتطوُّرها، وأنَّه بمشاهدة عمل فنِّيّ واحد، نكوِّن جميعنا بكلّ تأكيد في رحلة اكتشاف لمدن إنسانيَّة جديدة.
في صورة الغلاف، نشاهد عملاً فنياً للفنَّان إل أناتسوي، أحد أكثر الفنَّانين المهمِّين في التَّاريخ الأفريقيِّ، وأبرز الفنَّانين المعاصرين في العالم، والذي عرض في «بينالي الدرعية للفن المعاصر 2024»، بالمملكة العربيَّة السُّعوديَّة. قدَّمت فوتوغرافيا المصور أليساندرو برازيل، جماليَّات التداخل بين تفاعليَّة المتلقِّي، وحالة العمل الفنِّيِّ في رغبته الجوهريَّة بالتَّواصل مع المشاهدين، وسط سعي جماليّ من العمل لتجاوز حدود المكان، فالمرور الضِّمنيُّ بجانب العمل الفني، أحدث تداخلاً مشهديَّاً للهويَّات، بين الزُّوَّار والخيوط المسدلة لمكوِّن العمل الفنِّيِّ، شكَّل بحدِّ ذاته عملاً فنِّيّاً يوجِّهنا ناحية آفاق التَّساؤل حول ما تمثِّله منطقة الخليج العربي، باعتبارها بينالي فنِّيّاً مفتوحاً للعالم أجمع.