تخيل حاسوبًا يمكنه حل مشكلات في ثوان، تحتاج الحواسيب التقليدية لآلاف بل ملايين السنوات لإنجازها، هذا ما تسعى جوجل لتحقيقه مع أجهزة الكمبيوتر الكمومية، والتي كشفت مؤخرًا عن سر تفوقها على أقوى الحواسيب الفائقة التقليدية.

 

أقرأ أيضاً.. «كمبيوتر خارق» بـ 4.1 مليار دولار




ما هو التفوق الكمومي؟


منذ الثمانينيات، يحلم العلماء بتطوير حواسيب تعتمد على قوانين ميكانيكا الكم، وهي مختلفة تمامًا عن الحواسيب التي نستخدمها اليوم. والآن، بدأ الحلم يتحقق تدريجيًا. لكن ما زالت هناك منافسة مستمرة بين الحواسيب الكمومية والتقليدية، حيث تحاول الأولى إثبات أنها قادرة على حل مشكلات معقدة بشكل أسرع بكثير.


 

اكتشاف جوجل: السر في "مستوى الضجيج"


وفقاً لمجلة "نيتشر" Nature العلمية، أعلنت جوجل أنها اكتشفت سرًا مهمًا باستخدام معالجها الكمومي المتطور  "سيكامور" "Sycamore". التجربة كشفت أن الحواسيب الكمومية يمكن أن تتفوق على التقليدية إذا تم التحكم في مستوى الضجيج (أي المؤثرات الخارجية والأخطاء التي تحدث أثناء العمليات).

فعندما كان "الضجيج" مرتفعًا، تمكنت الحواسيب التقليدية من "خداع" "سيكامور" وتجاوزه في الأداء، ولكن عندما تم خفض مستوى الضجيج، أصبحت الحسابات التي يجريها المعالج الكمومي معقدة لدرجة جعلت من المستحيل على الحواسيب التقليدية "تزييف" نتائجه ومجاراتها. بعض التقديرات تشير إلى أن أسرع حاسوب فائق في العالم سيحتاج إلى 10 تريليونات سنة لمجاراة Sycamore. أي أنه من المستحيل على الحواسيب التقليدية مجاراة سرعة ودقة الكمبيوتر الكمومي لو تم تشغيله في الظروف المثالية.

 

 



تفوق لا يمكن للحواسيب التقليدية الوصول إليه

 

ما يعنيه هذا الاكتشاف هو أن الحاسوب الكمومي "سيكامور" ، عندما يعمل في ظروف مثالية، يمكنه إجراء حسابات قد تأخذ الحواسيب الفائقة التقليدية تريليونات السنين لتنفيذها. هذا لا يعني أن الحواسيب الكمومية ستحل محل الحواسيب التي نستخدمها في حياتنا اليومية، فهي ليست مصممة لحفظ الصور أو إرسال البريد الإلكتروني، لكنها ستكون قادرة على حل مشكلات علمية معقدة مثل محاكاة التفاعلات الكيميائية بدقة هائلة.

كيف تعمل الحواسيب الكمومية؟



الحواسيب الكمومية نوع متقدم من الحواسيب تستخدم مبادئ ميكانيكا الكم لتشغيل عمليات حسابية معقدة بشكل أسرع بكثير من الحواسيب التقليدية. بينما تعتمد الحواسيب التقليدية على وحدات التخزين الثنائية "البِتات" التي تكون إما 0 أو 1، تستخدم الحواسيب الكمومية وحدات تُسمى الـ"كيوبتات"، التي يمكن أن تكون في حالات متعددة في آن واحد.

 

أقرأ أيضاً.. جوجل.. تحويل الفيديوهات إلى بودكاست بضغطة زر

هذا يعني أن الحواسيب الكمومية تستطيع معالجة كميات هائلة من المعلومات في نفس الوقت، مما يجعلها قادرة على حل مشكلات يصعب على الحواسيب التقليدية التعامل معها، مثل محاكاة التفاعلات الكيميائية المعقدة أو تحليل البيانات الضخمة. 

 

 



مستقبل الحواسيب الكمومية



اكتشاف جوجل لا يعني أن الحواسيب الكمومية جاهزة لاستبدال التقليدية الآن، لكنها خطوة كبيرة نحو تحقيق التفوق الكمومي الكامل. التحدي الآن يكمن في بناء أجهزة كمومية أكبر وأكثر دقة، مع تقليل مستوى الضجيج بشكل مستمر.


في النهاية، مع استمرار هذا السباق بين الكم والتقليدي، يبدو أن الحواسيب الكمومية تقترب يومًا بعد يوم من تغيير جذري في طريقة حلنا لأصعب المشكلات العلمية في العالم.