هزاع أبوالريش (أبوظبي)

الشاعرة والكاتبة بشرى عبدالله بن علي، الحاصلة على ماجستير في اللغة العربية وآدابها بتقدير امتياز عن «جماليات الزمن في الرواية الإماراتية» من جامعة الشارقة عام 2012، تميّزت بحضورها الشعري، وإسهاماتها الأدبية، وشاركت في تأليف مناهج اللغة العربية ورياض الأطفال بوزارة التربية والتعليم، كما شاركت في بناء الإطار العام لمعايير التعلم الوطنية للمناهج والتقييم، بالإضافة إلى أن تضمين بعض قصائدها عبر مناهج اللغة العربية لوزارة التربية والتعليم، وحازت مجموعة كبيرة من الجوائز، ومن أهمها: جائزة المرأة الإماراتية في الآداب والفنون، وجائزة شمسة بنت سهيل للنساء المبدعات. وكذلك وصلت مؤلفاتها «جماليات الزمن في الرواية» في عام 2015، و«لا ريح للناي» في عام 2018، للقائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب.
تقول بشرى عبدالله لـ «الاتحاد»: إن كتابي «جماليات الزمن في الرواية» جاء لما يعكسه الزمن من دور حضوره القوي والفعَّال في حياتنا اليومية وخاصة في مجال الأدب. فنحن نعيش في مكان ما وزمن ما، أما بالنسبة للرواية فإن عنصر الزمن مهم للبناء الروائي، إذ تستند إليه الرواية، وترتكز عليه في تشكيل أحداثها بالتوازي مع عنصر المكان. وفي مقاربتي النقدية المعنونة بـ «جماليات الزمن في الرواية» حاولت تتبع الزمن في مجموعة من الروايات الإماراتية، وذلك نابع من إيماني بقدرة النص الإماراتي في بعض نماذجه العالية على تحقيق نتائج متقدمة في هذا المجال، محاولة إبراز أهمية عنصر الزمن في تكوين تلك الروايات وتشكيلها وكيفية توظيف الروائي لها، وكيف استطاعت التقنيات المختلفة للزمن أن تسير جنباً إلى جنب مع الأحداث لتشكيل الرواية، فهناك الزمن التتابعي والزمن التداخلي والزمن المتشظي، ولكل نوع تمظهره الخاص في الروايات التي تناولتها الدراسة، ولقد تفنن كل روائي في توظيف الزمن ليجعله جزءاً من تكامل البناء في روايته.
الاسترجاع النقدي
وتتابع بشرى عبدالله حديثها: من التقنيات المهمة التي تناولتها الدراسة هي تقنية الاسترجاع وتنقسم إلى استرجاع داخلي واسترجاع خارجي، وقد يتكرر الاسترجاع على سبيل التذكير وهو نوع مهم يسمح للروائي بربط أحداث الرواية ببعضها، وهي تحتاج إلى مهارة عالية حتى تدخل في نسيج النص دون إقحام لملء الفراغات التي قد تبدو ظاهرة، وفي الحقيقة ظهر استثمار جيد من قبل الروائيين لتقنية الاستباق، التي يستخدمها الكاتب لمنح النص أبعاداً تشويقية، ليحاول جاهداً التخلص من عبء القوالب الجاهزة، ففي مسألة الزمن مثلاً لم يعد الزمن التتابعي هو المسيطر، إذ يميل الروائي إلى تكسير الزمن أو إعادة ترتيبه أو بعثرته. والفنون عموماً تستفيد من بعضها، وفي مسألة الزمن تحديداً فإن استعارة مصطلحات السينما تبدو ملاحظة منها «الفلاش باك» و«المونتاج».. وغيرها، حيث أصبح الروائي ينسج علائق جديدة تربطه بالزمن الروائي، ولا يمكن أن ندرس الزمن بمعزل عن السياقات أو العناصر الأخرى، ولعل أكثر العناصر التصاقاً بالزمن هو عنصر المكان، إذ تنشأ بين الزمان والمكان علاقة وثيقة، فلا يمكن للشخصيات أن تتحرك وتنشئ زمناً إلا في حيز مادي وهو المكان، إذاً لا يمكنها أن تتحرك في الفراغ. كما يقول جورج بلان: «حيث لا توجد أحداث، لا توجد أمكنة».
وتؤكد بشرى عبدالله، أن هذا النوع من المقاربات النقدية يمكن أن يضيء للقارئ زوايا في مساحة النص الأدبي، فتجعله يقرأ بوعي نقدي متلمساً جماليات الزمن في رواية ما، فحين نقرأ عملاً أدبياً بوعي وخلفية ثقافية ونقدية فإن الرواية حينها تصبح أكثر من مجرد ترف وقتي، أو مصدر ترفيه لحظي، ويصبح بإمكان القارئ أن يغوص في تلك الرواية ويتوقف عند كثير من تقنياتها الجميلة لتصبح القراءة حينها أكثر خفة وأثقل أثراً وأعمق جمالاً. 
تجربة وإنجاز
وتختتم: أما بالنسبة لفكرة ترشحي لجائزة الشيخ زايد للكتاب، فهي كانت تجربة جميلة، ووصول كتابي إلى القائمة الطويلة إنجاز كبير بالنسبة لي، بلا شك، ودائماً الجوائز الأدبية تعطي حافزاً، وتغذي فكر المبدع لأن يتقدم ولا يقف، ويستمر في العطاء والإنجاز والإضافة الحقيقية للساحة الثقافية والفكر والإنساني.