ثمة التباس جمالي خاطف يقع فيه الناظر للصورة، وهو التباس يختلف من شخص إلى آخر، ومعه تتعدد التأويلات حول الصورة ومكوناتها، ثم تكتمل دهشة الناظر حين يرصد الجموع المشاركين في «العرضة الجنوبية» في أحد الأعراس الشعبية، بمحافظة «تنومة»، جنوب غرب المملكة العربية السعودية في منطقة عسير، إذ يبدو في النظرات الخاطفة وكأنهم ضربات فرشاة لفنان محترف، إلا إنها لوحة فتوغرافية تكشف عما يود المصور الفوتوغرافي والرحالة السعودي إبراهيم سرحان، أن يفعله بالعدسة، وما يمكن للحظة الفاصلة من مثل الاحتفاء بشاعرية الهوية وتجلياتها الإبداعية، من أن تصنع جمالاً عبر طقوس الحياة اليومية وتأويلاً مكثفاً وساحراً للثقافة البصرية في المجتمعات المحلية للبلدان العربية.
الصورة أعلاه بعدسة إبراهيم سرحان، المستكشف والرحالة والمصور الفوتوغرافي السعودي، الذي برع في توثيق تنوع الحضارات والثقافات المحلية في المملكة العربية السعودية والعالم، حيث يتجاوز الفوتوغرافيا بمعناها السائد في كونها إيقاف ضمني للزمن في اللحظة العابرة، نحو تأصيل «المعنى الأدبي» من السفر والترحال من خلال الفوتوغرافيا الشعبية، أن يذهب المصور هناك مباشرةً باتجاه حاجتنا الماسة إلى قراءة مشهد التفاعل الحضاري مع ثقافاتنا المحلية، بالتوازي مع ثقافات العالم، عندما تسأل المصور إبراهيم سرحان عن سر كل هذا الوهج في التعريف بالمكنون الثقافي لجغرافيا الجزيرة العربية، يختزل تطلعاته باعتبارها الخيط الأول في أن يرتحل الإنسان بالسفر نحو ذاته، قبل كل شيء، لأنها في عُرف المسير الطويل، رحلةٌ صعبة، تتطلب فهماً كامناً في الروح، ويقظة حثيثة في الوعي.