محمد نجيم (الرباط)

شهدت مدينة مراكش، مؤخراً، افتتاح معرض جماعي للحروفيات، يجمع أعمالاً فنية لأسماء بارزة ومعروفة في الساحة الفنية المغربية، منهم: محمد أبو عبيدة، مصطفى أمناين، محمد بستان، العربي الشرقاوي، لحسن الفرساوي، ويدة عبد الغني، ويكرّم هذا المعرض ويستحضر روح الحروفي المغربي العالمي الراحل مولاي حسن حيضرة.
 يقدم المشاركون في المعرض أعمالهم الحروفية التي تنهل من تقاليد وروح المدرسة المغربية في الخط التي تتسم بروحانيتها وأشكالها المبهمة، من خلال اللعب على ما هو قابل للاستنساخ وتجريد اللامرئي، وتدور أعمالهم بطريقة مختلفة حول المتخيل الفني المغربي، كما يقول القيّم على المعرض حسن لغدش، واصفاً المعرض بكونه يوحي لنا بفكرة الفناء من أجل امتلاك حقيقة الحرف فيما يخص ليونته.. هنا يشتغل الفنانون بتقنيات يُحورونها كل حسب رغبته، ووفق جمالية من التوليفات ترتكز على شعرية في طور الاختمار.
إبهاج فني
تُبنى أعمال الحروفي محمد أبو عبيدة على مسلك فني متوهج، يستقي من المادة الحروفية عناصر البناء المحكم، لبعث الجمال والإبهاج الفني، عن طريق بسط مختلف المفردات الحروفية المترابطة الشكل، والمتصلة بتراكمات من العلامات والألوان، للتعبير بطرق مباشرة تغطي مجمل مساحات الفضاء، وتتبدى هذه التجربة، كما يقول الناقد الفني محمد البندوري، غنية بما تحتويه من أعمال جادة في التكوين، وفي الشكل في مجال الخط العربي، والحروفية المتقدمة التي تروم نوعاً من الحرية في الفضاء، وبذلك يقدم المبدع منجزاً حروفياً غير مألوف، ما يبعث الإبهاج الفني عن طريق تطويع الأشكال المنبعثة من تنوع التداخلات الحروفية من جهة، ومن خلال أسلوب حروفي مغربي محدث، من بعض أنواع الخط القابلة للتشكيل الحروفي في أبهته، من جهة أخرى، فيتجه بالتركيب نحو القوة التعبيرية، بخطوط وأشكال ذات حركات متتالية، وتموضعٍ حروفي مختلف، يتمظهر في الفضاء بكميات خفيفة أحياناً، ويُغلق بأرضيته كل منافذ الفضاء أحياناً أخرى. 
خصوبة جمالية
وهو بذلك، حسب البندوري، يُخضع أعماله لسلطة التصور المسبق، فينزاح بالمادة الحروفية نحو الحجب، باستعمالات تقنية عالية، وعمليات توظيف متقنة للألوان والحروف والعلامات، خاصة أنه يشتغل وفق طبقات، فيكون موفقاً في الربط بين مجموعة من العلاقات، والحد من مجموعة من التباينات، داخل الأنساق اللونية المنصهرة في الحروفيات، ما يمكنه من توطيد مسلك تحاوري يستهدف الأشكال التعبيرية، ويؤسس لمسلك حروفي يتمتع بالخصوبة الجمالية، والاعتناء بقيم السطح، في سعي واضح من الحروفي أبو عبيدة إلى تشكيل مجال حروفي دقيق المعالم في الجمالية المغربية، ومبهج في صيغه البصرية. 
مستحدثات تقنية
تعتمد أعمال الفنان الحروفي محمد بستان، على حزمة من المستحدثات التقنية، التي تتغنى بأدوات فنية هائلة يوظف بواسطتها الألوان بتدرج منظم، ويمزج الحروفيات بأداء عالي الجودة، ويستعين بمجموعة من العلامات والأشكال المتنوعة، وهو ما يقود أسلوبه الحروفي نحو التجريد أحياناً، وعندما يتخذ من الحرف أداة خطية لسبر أغوار الجمال في التركيب، فإنه يعود للخط الكلاسيكي، وبين هذا وذاك هوة فارقة تتأرجح بين أعماله الكلاسيكية وأعماله الحداثية، ورغم ذلك، فإنه يتخذ من التعبير اللوني والفضاء الحروفي الناعم مادتين جماليتين للتعبير بمفردات فنية يستقيها من فنيات وجماليات الخط العربي.