فاطمة عطفة (أبوظبي)
العالم أصبح قرية واحدة، لذا أصبحت الترجمة الوسيلة الأساسية للتفاهم بين البشر، وبها نُغني لغتنا وثقافتنا وتتسع آفاق معارفنا وعلومنا وتجاربنا في الحياة، وجاءت ثورة الاتصال لتؤكد أهمية الترجمة لنقل التجارب الإبداعية في الفنون والآداب والعلوم.
وفي هذا الإطار يقوم مشروع «كلمة» في أبوظبي بدور أساسي ورائد في نقل أمهات الكتب العلمية والأدبية والفنية إلى لغتنا العربية، فقد أصدرت مؤسسة «كلمة» مؤخراً «معجم الرواية»، الذي قام بترجمته الدكتور محمد آيت ميهوب، بعد أن أمضى أربع سنوات في إنجازه.
معجم نادر
من جانبه قال ميهوب لـ«الاتحاد»: إن «معجم الرواية» للناقد والأكاديمي الفرنسي إيف ستالوني، مرجع أساسي لا غنى عنه لمن يروم من الباحثين المتخصّصين أو القراء العاديين، فهم الرواية المعاصرة وتملك مفاهيمها وتدقيق اصطلاحاتها الكثيرة والتفريق بين أجناسها الفرعية العديدة، وهذا المعجم هو من المعاجم النادرة التي تخصصت في الجنس الروائي تحديداً، حيث حاول المؤلف أن يكون مرجعاً شاملاً للظاهرة الروائية في مختلف أوجهها، متضمناً ثلاثة محاور كبرى هي: التقنيات السردية، والمقاربات الأجناسية، والتحليل الاجتماعي والثقافي للرواية، وهذه المحاور لم ترد منفصلة بعضها عن بعض، بل جاءت متداخلةً تموج بها صفحات المعجم وفاقا للترتيب الألفبائيّ، الذي اختاره المؤلّف لتنظيم مداخل المعجم، وليس من النادر أن تلتقي هذه المحاور جميعها في مدخل واحد.
جهد كبير
وحول المراجع التي استقى منها د. ميهوب المصطلحات العلمية في ترجمته، قال: استفدت في هذا العمل من اختصاصي الأكاديمي في السرديات وخبرتي الطويلة في هذا المجال نقداً وبحثاً وتدريساً جامعياً وممارسة إبداعية، كما نهلت من المعاجمِ الأدبية والسرديّة التي سبقتنا، وانتبهنا إلى ما فيها من أخطاء فتجنبناها، لافتاً إلى أن ترجمته هذه مدينة لتجربة علمية سابقة ساهم فيها مع سبعة باحثين آخرين متخصّصين في السرديات بإشراف الدكتور محمد القاضي، وقد امتدت لثماني سنوات من البحث والعمل وأثمرت عن تأليف «معجم السرديّات» الصادر عام 2010.
غموض وتداخل
ويشير محمد آيت ميهوب إلى الفوائد المكتسبة من هذا المعجم، مبيناً أن الرواية العربية تطورت، بقدر ما ازدادت المفاهيم والمصطلحات المتصلة بها غموضاً وتداخلاً، وهذا يعرض الناقد للوقوع بالخلطِ بين المفاهيم واستعمال المصطلح الخطأ، وتزداد هذه المعضلة استفحالاً بفعل الانتشار الواسع للنقد الروائي وتلونِه بأكثر من لون ودخولِه ميادين واختصاصات مختلفة، منها الأكاديمي، والأدبي، والثقافي، والصحفي، مضيفاً أن النقد الروائي العربي يستقي غالبية المفاهيم والمصطلحات السردية من الدراسات الغربية.
وإذا ما تأملنا المادة المفاهيمية والاصطلاحية التي تكون خلفية للدراسات السردية العربيّة المتعلقة بالرواية، ألفيناها خليطاً عجيباً لا تجانس فيه، وهو لا يتوافق في الأغلب مع أصولهِ العلميِّة الأولى، وكل الأمل أن يتقدم بنا هذا المعجم خطوات في توحيد المصطلحات والمفاهيم المتعلقة بالرواية تحديداً.
احتفاء بالرواية
وأشار د. محمد آيت ميهوب، إلى أن المعجم يتجاوز حدود وظيفته المعجمية، وهو يشكل موسوعة نقدية تحتفي بالرواية، وتضم مقالات متعددة المشارب تضيء الكثير من جوانب الرواية وتنوع زوايا النظر واتساع باب التحليل فيها، وهو موسوعي أيضاً لإحالته على حقول معرفية وثقافية وعلمية كثيرة تمتد من الأسطورة إلى الإشهار، مروراً بالأدب والفلسفة وعلم النفس وعلم الاجتماع والتاريخ والأنتروبولوجيا والرسم والسينما، وفيه إحالات على مئات الروايات الفرنسية والغربية التي استقى منها المؤلف أمثلته ونماذجه.