سعد عبد الراضي (أبوظبي)
يعد دور النقد الأدبي عموماً من الأدوار الرئيسة في صنع أي مشهد إبداعي، إذا لا يمكن أن يختصر المشهد في كاتب وناشر وقاريء بل لابد أن يكون الناقد حاضراً ليكمل مربع العمليات، فالنقد هو الفاعل الحقيقي الذي من خلاله يتعرف الأضلاع الثلاثة الأخرى إلى مكامن القوة والضعف بل ومواقع الضوء والإظلام في العمل الأدبي.
ولكن لأن مفهوم النقد متسع وأدواره متعددة كمدارسه، أرتأينا أن نسلط الضوء على الدور الذي تلعبه الناقدة الإماراتية في المشهد الثقافي محلياً، وما الذي تحتاجه الناقدة الإماراتية لكي تحلق بأجنحة أكثر، كل هذا وأكثر أجابت عليه ثلاث من أبرز الناقدات الأكاديميات في الإمارات وهن الدكتورة زينب الياسي، والدكتورة مريم الهاشمي، والدكتورة فاطمة المعمري. 

النقد في الإمارات 
في البداية تؤكد الدكتورة مريم الهاشمي أن علاقة الناقد بالمجتمع تتمثل في علاقته بالإبداع والنتاج الأدبي بالدرجة الأولى، ولاريب في أن التذوق الجمالي المتمثل في القراءة الواعية للنصوص هو أس العملية النقدية ويعمل عمله في قراءة السياق الأدبي للإبداع، وعدم معرفة السياق الأدبي في ثقافتنا اليوم أوجدت قراءً يطلبون فهم كل كلمة وكل جملة، فإذا أعجزهم هذا الفهم راحوا يرمون العمل بتهم مجحفة، ولو أدركوا أن هناك سياقاً يوجه النص ويتحكم بالفهم والتفسير لأدركوا مسالك هذا الجنس الأدبي، وهذا تكمن وظيفة النقد المجتمعية في سد الفجوة بين العمل الإبداعي والمتلقي.

وتضيف: في دولة الإمارات نجد النقد كما الأدب تتصدره أقلام نسائية، وهو ما يجعلنا نقف عند مفهوم الإبداع النسوي، والذي أخذ ما أخذه من أقلام أصحاب الفكر والنقد والفلسفة لنصل إلى ما استرحنا إليه، (في أن كم من امرأة عززت الخطاب الذكوري إما بأشعارها أو كتاباتها، كما نجد للرجال دوراً أو أدواراً في تأنيث الخطاب اللغوي الإبداعي)، وتكمن المسؤولية الإنسانية والذاتية والحضارية على عاتقنا جميعا كنقاد ومبدعين بعدم الاكتفاء بإعدادات الحضارة، بل ينبغي للذات أن تكون صانعة لفرادة ذاتيتها بأن يصنع المرء آدابه الخاصة ويحتضن ذاته في سبيل النضال من أجل الحق في الاختلاف والتمايز الإبداعي، وأن تكون الذات على علاقة وثقى بجمالية الحياة والفنون. 

تجربة رصينة 
أما الدكتورة زينب الياسي فتقول: تعدّ التجربة النقدية للناقدات الإماراتيات تجربة علمية ورصينة، وذلك لأنها لم تنشأ نتيجة المقاربة الانطباعية للنصوص الأدبية، بل مقاربة علمية ارتبطت بالبحث العلمي والدرس الأكاديمي، فالناقدة هي أولاً باحثة ومنشغلة بالأدب نتيجة ملازمتها للدرس العلمي سواء كان رسائل الماجستير أو أطاريح الدكتوراه، التي تركّز على الأدب العربي بشكل عام والأدب الخليجي والإماراتي بشكل خاص، وهو ما يعدّ رافداً مهما لرصد الحراك الثقافي والأدبي في المنطقة، ولكن - وبتركيز على لكن - فالناقدة الإماراتية بحاجة إلى قنوات لصيقة بالمجتمع الثقافي تستطيع أن تقدّم علمها من خلالها في وسائل الإعلام الذي يستقطب خطابها كالقنوات الثقافية والملاحق الثقافية في المحلات والصحف، وهنا تكمن حلقة الوصل المهمة من يُعرِّف بالناقدة، وكيف يمكنها الوصول إلى هذه القنوات التي يمكنها أن تعرض حصيلة نتاجها العلمي وتتبعها للأدب الشعري والسردي.
وتضيف: أمّا حين يذكر الأدب النسوي فأجد أن هذا التصنيف يدخل في دائرة السؤال المشروع، ولكنه لا يعني الحد الفاصل والقاطع فالمرأة والرجل صنوان يكملان المشهد والصورة الأدبية والثقافية للواقع والمجتمع والحياة بصورة أعم، أما الغوص في هذا التبئير التصنيفي ما هو إلا تغوّل في جوانب أجد أنها رجيع وتكرار لا إضافة فيه سوى الفصل بين وجهين وكلاهما لعملة واحدة وهي الأدب. 

ترصد الإنجازات 
من جانبها تقول الدكتورة فاطمة المعمري: يشكل المشهد الثقافي في الإمارات العربية المتحدة جزءاً أساسياً من التطور الثقافي والفكري في المنطقة، ولعب النقد الثقافي دوراً بارزاً في تشكيل هذا المشهد ورفع مستوى الوعي الثقافي بين الناس، وعليه تعتبر الناقدات الإماراتيات عيناً حادة ترصد الإنجازات الثقافية. يقع على عاتقهن تقييم الأعمال الفنية والأدبية والثقافية، سواء على المستوى المحلي أو الدولي. فهنّ يساهمن في رصد المبدعين والمواهب الناشئة، وتسليط الضوء على الأعمال المتميزة التي تستحق الاهتمام والاعتراف.

تحليل موضوعي 
وتضيف: إذا ما اطلعنا على المشهد الثقافي الإماراتي نشاهد أن الناقدات الإماراتيات يقدمن تحليلاً نقدياً موضوعياً للأعمال الثقافية. يعتمد هذا التحليل على فهم عميق للفنون والأدب والثقافة، ويساعد في توجيه الجمهور نحو الأعمال الجيدة وفهم القيمة الفنية والمعنوية للإبداعات المختلفة ويأتي هذا إما من خلال الكتب أو الأوراق البحثية والدوريات العلمية أو الحلقات النقاشية.
وتتابع: عن نفسي أصدرت بعض المؤلفات النقدية منها السلاح في الشعر الجاهلي، أبعاده الاجتماعية والنفسية، السيف في حياة العرب، التنوع الثقافي وتجلياته في السرد الإماراتي، الرواية أنموذجاً، وعدد من المقالات النقدية والقراءات.