فاطمة عطفة (أبوظبي)

الكاتب المسرحي الساخر والشهير جورج برنارد شو (1856 - 1950) كان عصامياً قوي الإرادة، وهو يمتاز بحس نقدي وميل للدعابة والمرح، وأعماله امتازت بنزعة إنسانية ومثالية أهلته لنيل جائزة نوبل للآداب عام 1925 فلم يتسلمها في تلك السنة، بل وصفها بأنها تشبه طوق النجاة لمن بلغ بر الأمان ولم يعد بحاجة إليها، لكنه تسلمها في السنة التالية. «ولد في 26 يوليو 1856 في دبلن، وترك المدرسة مبكراً، إلا أنه واصل القراءة، وتعلم اللاتينية والإغريقية والفرنسية، وانتقل إلى لندن في العشرينيات من عمره. عاش برناردشو حياة فقيرة في شبابه، وجعل من مكافحة الفقر هدفاً رئيساً لكل ما يكتب، وألّف ما يزيد على ستين مسرحية».
ينظر برنارد شو للإسلام بإجلال ويرى أنه مثال العدالة في الفكر والعمل. ويقول: «لقد درست الإسلام وحياة نبيِّه بعناية شديدة، وقمت بذلك كطالب للتاريخ وكناقد، وتوصلت إلى الاعتقاد أن محمداً كان رجلاً عظيماً، ويجب أن يدعى منقذ البشرية. ولو أن إنساناً مثله تولى شؤون العالم المعاصر لنجح في حل مشاكله، والوصول به إلى السلام والسعادة وهو بأمس الحاجة إليهما». 
وبرنارد شو من أقوى المفكرين الغربيين وأبلغهم حجة في دفاعه عن الإسلام ورسوله الكريم، لأنه درسه بعمق ورأى فيه سنداً قوياً لأفكاره في العدالة الاجتماعية. وكان له مقالات ومواقف عديدة بين فيها إنسانية الدين الإسلامي وسماحته وعظمة المبادئ التي جاء بها، ويرى أنه صالح لخير كل إنسان، كما أنه صالح لخير الناس كافة. فالإسلام دين الديمقراطية والحرية الفكرية، ومؤسس قواعد البيع والشراء، وفوق ذلك فهو دين الحكماء. 
ويرى برنارد شو، أنه ستتم تبرئة العقيدة الإسلامية مما أصابها من افتراءات في العصور الوسطى، مؤكداً أن الإسلام «هو الدين الصالح لخير البشرية التي ما زالت تعاني من آلام شديدة». ويؤكد هذه النظرة المنصفة بقوله: «يبدو لي أنه الدين الوحيد الذي يمتلك القدرة الكافية لتغيير أحوال الوجود بحيث يكون جذاباً لكل جيل».
وفي مقالاته وأحاديثه العديدة، أنصف برنارد شو المستشرقين الذين درسوا الإسلام قبله ونظروا إليه بتقدير واحترام، ويقول في إحدى مقالاته: «في القرن التاسع عشر، أدرك مفكرون يتسمون بالنزاهة من أمثال كارليل وغوته وجيبون، قيمةً جوهريةً في دين محمد، وقد أدى ذلك إلى بعض التغيير نحو الأفضل في الموقف الأوروبي تجاه الإسلام. ولكن أوروبا في القرن الحالي متقدمة جداً عن ذي قبل، وقد بدأت تشعر بأهمية الإسلام وتنظر بإعجاب واحترام إلى الإسلام».