أبوظبي (الاتحاد)
أكد معالي الشيخ سالم بن خالد القاسمي، وزير الثقافة، أهمية العمل الثقافي في دولة الإمارات العربية المتحدة، انطلاقاً من الإيمان بدور الثقافة المحوري في بناء المجتمع ونهضته وتعزيز التواصل والتعاون مع شعوب العالم، وترسيخ القيم الإنسانية والاجتماعية التي ترتقي بالإنسان، وتسهم في رفعته وتطوره، مشيراً إلى أن اللغة والآداب، وعلى رأسها الشعر، ركيزة أساسية في الثقافة الإماراتية.
جاء ذلك في معرض تعليق معاليه على الاحتفال باليوم العالمي للشعر الذي يوافق الحادي والعشرين من مارس كل عام، حيث قال: «يحتل الشعر مكانة كبيرة بين الفنون الأدبية الأخرى، خاصة في اللغة العربية، فهو الفن الأدبي الأصيل النابع منها، ما جعل دوره كبيراً بين العرب قديماً وحديثاً للتعبير عما يجول في أذهانهم ويحكي تاريخهم، وهو الوعاء الذي سجل وحمل قيمهم وفخرهم وعزتهم.
وكان الشعر العربي مصدراً للمعرفة، والفكر، والحكمة. ومن الوظائف المهمة للشعر تهذيب النفوس وتحفيزها على الأخلاق الحميدة، وهو أفضل وسيلة لحفظ اللغة، وتفصيح اللسان، ومنه تُتَّخَذ الشّواهد والأمثال. ولطالما شكّل الشعر حجر أساس في الثقافة العربية، وذلك لكونه لسان حال مبدعيه والأداة التي عبّروا من خلالها عن أفكارهم وقضاياهم وتطلّعاتهم، وبفضل هذه الثقافة أوصلوا تاريخهم الأدبي الحافل إلى كل مكان وحضارة، ووثّقوا من خلالها بلاغة وجماليات اللغة العربية على مرّ العقود والأزمان».
موروث ثري
وأضاف: «ومع جمال وتفرد لغتنا وأساليبها، تكمن صعوبة ترجمة الشعر منها إلى لغات العالم المختلفة، ولكن موروثه الثري يظهر في إبداع الفنانين من مختلف المجالات، كما يظهر في خلفية أعمال الفنان التشكيلي عبد الله السعدي الذي تم اختياره لتمثيل دولة الإمارات في الدورة الـ60 من المعرض الدولي للفنون في بينالي البندقية 2024. حيث يستطيع السعدي بموهبته الفريدة نقل جمالية الشعر العربي عبر فنه المميز من الرسم والتشكيل التعبيري والنحت وعروض الأداء والتصوير الفوتوغرافي إلى العالم أجمع. والشعر العربي يتميز ببنائه الفريد وسحره، فلغتنا زاخرة بالكثير من المعاني، فهي لغة ثرية، ولا يكفي أن نقول إن الأمم المتحدة اعتبرتها لغة أساسية في منابرها، وكرست يوم الثامن عشر من ديسمبر يوماً عالمياً للاحتفاء بها؛ لأنها، حقيقةً، تنفرد بجماليات لا تضاهيها أي جماليات في لغات أخرى، أو على الأقل هي واحدة من أجمل اللغات في العالم. وإذ نحتفي في دولة الإمارات العربية المتحدة بجمال اللغة العربية، ليس فقط كلغة نمارسها من خلال التلاوة والقراءة ولكن أيضاً كشكل من أشكال التعبير ذي الجمال البصري الذي نشهده من خلال الخط والزخرفة. حيث أطلقت وزارة الثقافة منذ عام 2004، جائزة البردة، وهي منصة متعددة التخصصات مكرسة لعرض جوانب متنوعة من الفنون والثقافة الإسلامية من خلال تعزيز الإبداع والتجريب بالأشكال التعبيرية التقليدية ومد الجسور بين الماضي والحاضر والمستقبل. ومن خلال جائزة البردة، نسلط الضوء على أحد أغنى وأكثر أشكال الفن الإسلامي تنوعاً، وهو الخط العربي. يقدم هذا الفن تقديراً للغة العربية ويُعبِّر عن الارتباط العميق بها، ليس فقط كوسيلة للتواصل، ولكن كوسيلة للتعبير الروحي. تكرم جائزة البردة أعمال العديد من الفنانين حول العالم في مجال الخط الكلاسيكي والمعاصر، حيث تحتضن التقاليد، ولكنها تسمح أيضاً بالتحول إلى ما هو حديث».
جسور التواصل
اختتم معالي الشيخ سالم بن خالد القاسمي، وزير الثقافة بقوله: «إن ثقافتنا الإماراتية تتجلى في المحافل الدولية، ومنها الجناح الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة في المعرض الدولي للفنون في بينالي البندقية، وسنواصل دعم المبدعين من أبناء الإمارات، ليكونوا سفراء في مد جسور التواصل الثقافي والإبداعي مع نظرائهم من مختلف أنحاء العالم، وبما ينسجم مع رؤية الإمارات ورسالتها. إن تمكين الجيل القادم من المبدعين، يتيح لنا بناء جسور التواصل مع الثقافات المختلفة، ويوفر أرضاً خصبة للإبداع والاحتفاء بالتنوع الثقافي البنّاء في المجالات ذات الصلة بالإبداع الأدبي والفني».