الشارقة (الاتحاد)

ضمن فعاليات منتدى الثلاثاء، نظم بيت الشعر بدائرة الثقافة في الشارقة، أمسية شعرية، شارك فيها الشعراء: د. جمال أبوسمرة، ووئام كمال الدين، ومحمود محمد علي، بحضور الشاعر محمد عبدالله البريكي مدير بيت الشعر، وقدمتها الإعلامية هاجر الرئيسي، التي قالت: في كل ثلاثاء نصطاد المتعة من بحور الشعر، وفي هذه الليلة سنستمع معاً لشاعرين وشاعرة، دعاهم بيت الشعر ليرسموا تجاربهم على لوحة جديدة من لوحات البيت العامرة، التي تؤكد جميعها أن الشعر سيظل حاضراً مهما تغيرت ظروف الحياة، فهو محرك رئيس من محركات الهوية، وجزء لا يتجزأ من جمال لغتنا العربية.
وقد طرق الشعراء في نصوصهم المتميزة أبواب الكلمة الراقية المبدعة، فتغنوا بشارقة الثقافة والمعرفة، وتأملوا واقع الحياة، فاتسعت الفضاءات الدلالية لنصوصهم لتشمل جل مواجدهم الذاتية، وخواطرهم الإنسانية، ووقفاتهم التأملية، وهم يجوبون بحار الدهشة، ويدفعون الجمهور للتفاعل مع كل ما ازخر به قصائدهم من تصورات فارقة تشي بمستوياتهم الفنية العالية، إذ امتلأت ساحة بيت الشعر بحضور كبير من المثقفين والأكاديميين ومحبي الشعر.
وافتتح القراءات الشاعر محمود محمد علي الأمسية بقراءة بعض النصوص الشعرية ومنها، «بعضي يُطلُّ على بعضي» الذي يمضي به نحو خلاص يستمده من خصال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فينسج من رحيق اللغة شذرات تفيض بالنور والمحبة، فيقول:

أتيتُ أحمدَ والأوزار تُثقلني
وهل يخفف ما بي غيرُه أحدُ!
قلبي يكاد يجن اليوم من فرح
يا حظ قلبي إذا مسته منك يدُ
طرحتُ في داركم قلبي وشيمته
-ليلاً- يقول إذا ما دق يا مددُ

ثم قرأ نصاً بعنوان «ذات النطاقين» حمل مدلولات فائضة بمعانٍ جميلة.
وافتتح د. جمال أبوسمرة قراءاته بمقطوعة شعرية عن الشارقة التي يتسابق إليها العلا، مصوراً مكانتها في القلوب بأسلوب بديع يقتفي آثارها ونموذجها المبدع في الثقافة الإنسانية، فيقول:

جئنا إليها فانبرت أحضانُها
وتزاحمتْ لضيافةٍ أركانها
منْ مثلُ شارقةٍ ومثلُ جمالها
فلقد تعالى في المدى إحسانُها
تتواثبُ الأمجادُ في جنباتها
فيطيرُ ما فوقَ المجرّةِ شانُها

وفي نص آخر يواصل أبوسمرة حضوره الجمالي، ويربط بين موطنه الأصلي سوريا وبين إقامته في أحضان الشارقة، فيلغي المسافة بينهما، فهما في وجدانه وطن واحد، فيقول:

هناك في بردى انجَدَلتْ مشاعرنا
واليومَ تزدانُ في أحضانِ شارقةِ
هي القصيدةُ طارتْ كي تحطَّ بنا
في بيتِ شعرٍ هنا في كلِّ زاويةِ
يسيلُ منْ شفةِ الألحانِ سكّرُها
كيما يؤثّثَ في الدنيا مخيّلتي

واختتمت الشاعرة وئام كمال الدين القراءات الشعرية، واستهلت حضورها بقراءة نص شعري حمل عنواناً يدعو للتأمل وهو «ثلاث حضارات بدم قصيدتي» حيث أفاضت من خلاله على الجمهور من معين كلماتها المعبرة، وصورها اللافتة، وهي تنسج ببلاغة قوافيها، فتقول:

قال الذي أحببت أندلسي مضت
حتى وإن عادت فلست بعائدِ
في صحوة الأنهار كانت طفلة
يا أمها لولا انحسار الوالدِ
لو لم أغيّر بالنصوص مسارها
لو ما انحنت للأمس كل قصائدي

ثم حلّق الجمهور مع نص آخر لها وحمل عنوان «الباكي على الأطلال» يمتد بأفقه البديع في وصف أحوال النفس ومواجدها، ويحلق في الآن نفسه بتراكيبه ودلالاته في الوجدان، فتقول:

أنا في البُعد «دَربٌ لا يؤدي»
وترقد فوقه الأحزان رصفا
كبحر ميِّتٍ يزدادُ موتاً
ودجلةَ حين يوشك أن يجفّا
دَمي «آهٌ سمت للروح حتى
أضاءت من ثقوب للروح عزفا»

وفي الختام كرّم الشاعر محمد البريكي، شعراء الأمسية ومقدمتها.