شعبان بلال (القاهرة)

في بعض المجتمعات يكون هنالك أحياناً أناس مهمشون، بغض النظر عن حالاتهم المادية، فقد يكونون مهمّشين بسبب الشكل أو البطالة أو اضطراب نفسي، وقد يواجهون وصم المجتمع والمقربين.. وهذه الظاهرة تتصدى لها الكاتبة التونسية درّة الفازع في روايتها «أُخفي الهوى»، وتروي حكايات هؤلاء المهمشين بطرق مختلفة.
وتطرح الكاتبة في الرواية، المرشحة ضمن القائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية 2024، سؤالاً مفصليّاً هو: كيف يقع بعض الأشخاص في طريق الخطأ رغم أنهم قد يكونون أصلاً أخياراً في الحقيقة، لتخوض بذلك في ثنائية صراع الخير والشر في النفس البشرية.

فيض مشاعر
ويقوم النص على أحداث وشخصيات حية من المجتمع الإنساني بشكل متوازٍ، وتتصاعد مستويات السرد تدريجياً فيما ترتبط كل شخصية بأخرى في نسيج مفاجئ يكتشفه القارئ عبر خيوطه المتشابكة، ويكتشف أيضاً كيف يرتبط قدر كل واحد من الشخوص في القصة بالآخر.
وفي حديث لـ «الاتحاد» قالت درّة الفازع: «إن الرواية تاريخية وتدور أحداثها في عام 2014 وتحكي عن أجواء وفضاءات في تونس، كيف نعيش وماذا نقول، وتعرض أحلامنا وواقعنا والصعوبات التي قد نواجهها، وفيها أيضاً فيض من المشاعر، كالحب والقطيعة، وهي رواية (ضد النسيان)، وعنوانها مستوحى من أشعار ابن الفارض: (أخفي الهوى ومدامعي تبديه.. وأميته وصبابتي تحييه)، وأنا أحب تلك الأشعار وقد وجدتها تتماشى مع الرواية، لأن فيها كثيراً من الحب والمشاعر عبر حكايات متوازية».
وأضافت: «رغم أن صبغة الرواية محلية، لكن حاولت وضع بُعد إنساني لها، لتلامس القارئ أياً كانت ثقافته، فالتجربة الإنسانية فيها تجعلها عالمية وقابلة لأن تتنقل بين الثقافات عبر هذا الجانب الإنساني».

السهل الممتنع
لغة عربية فصحى بمفردات بسيطة، سردت بها الكاتبة الأحداث، واستخدمت السهل الممتنع، ووضعت اللغة العربية في قالب عصري لتقديم رواية عصرية تحتفي بالحرف العربي حتى في غلافها، لأن المؤلفة تؤمن بأن شخصية كاتب الرواية تتسرب عبر الحروف والكلمات، ولذلك فقد يجد القارئ بالتأكيد بعضاً من درة الفازع بين السطور، وتظهر في الأحداث رؤيتها تجاه العالم وصراع الأجيال.
وعن ذلك تقول: «أعتبر شخصية الراعي الريفي محورية، نراه يتنقل، شخصاً ليس مهماً ولا يستطيع القراءة والكتابة، ثم عندما يذهب إلى أعالي الجبال تعرف قوته في طريقة تعامله مع المواقف المختلفة في مناطق وعرة وصعبة، وقد استلهمت الشخصية من قصة واقعية هي سيرة معينتي المنزلية التي عاشت تلك الحياة».