محمد نجيم (الرباط)

في كتابه «بلاغة السرد وتشكيل الدلالة، قراءات في السرد الإماراتي المعاصر»، الصادر حديثاً عن وزارة الثقافة السورية، يأخذنا الناقد السوري أحمد عزيز الحسين لسبر أغوار السرد الإماراتي المعاصر، مُتوقفاً عند أعمال أثرت المشهد الأدبي في الإمارات، فيقرأ بإمعان تلك الأعمال مُحلّلاً متونها، بدءاً من المجموعة القصصية «كلنا.. كلنا نحب البحر» التي يحلل متونها الحكائيّة وبُناها السّرديّة، ويرصد أنظمتها الدّلاليّة، محاولاً الرّبط بين ما قدّمه في ضوء محضنها الأدبيّ والاجتماعيّ، وفي ضوء التّجربة القصصيّة العربيّة بشكل عامّ. ثمّ انتقل إلى تحليل مضمون التّجربة الثّرّة للقاصّ الإماراتيّ الرّائد عبدالله صقر في مجموعته «الخشبة»، محاولاً استِكْناهَ العلاقة بين بنية الشّكل الفنّيّ وسرديّة الجسد، ثمّ انتقل بعد ذلك إلى مقاربة شعريّة السّرد عند القاصّ الرّاحل جمعة الفيروز، وما حملتْهُ مجموعتُه «مسافة أنت العشق الأولى» من دلالات قابعة في بنيتها الفنّيّة، فتقصّى التّقنيّات السّرديّة التي شكّل بها نصوصه، وحاول تسويغَ مراوحته بين السّرد الكلاسيكيّ والسّرد الحديث، ثمّ عرّج بعد ذلك على بلاغة السّرد عند القاصّ صالح كرامة العامريّ في مجموعته «سهرة مع الأرق»، وكيف تجلّت هذه البلاغة في آليّة مقاربته للمُهمَّشين، وفي اتكائه على تقنيّات محدَّدة، وانتقل بعد ذلك إلى مقاربة تجربة الرّوائي علي أبو الرّيش كما تجلّت في نصّه الرّوائيّ «ثنائيّة مجبل بن شهوان/ الحبّ والغضب»، فتوقّف مليّاً، كما قال المؤلف في المقدمة، عند شعريّة العنوان، ولاحَق المفهوم البطركيّ للرّجل وتجليّاته في النّصّ، وكيف انعكس ذلك على صورة المرأة، وآليّة التّشكيل الفنّيّ عموماً، كما ورد في كلمة الغلاف.
يقول الحسين في توطئة الكتاب: «لقد أتيح لي أن أواكب هذا التّحوُّل في السّرد الإماراتيّ خلال وجودي في الإمارات، وكتبتُ عن بعض تجاربه مجموعة أبحاث بتكليف من بعض الجهات الرّسميّة والأهليّة، كاتّحاد كتاب وأدباء الإمارات (فرع أبوظبي)، ومجلّة (الإمارات الثّقافيّة)، ودار نبطي للدّراسات والنّشر في أبوظبي، ووقفتُ في أبحاثي عند أسماء محدّدة، وحاولت أن ألامس تجربتها، وأحكم عليها من خلال عمل بعينه، وبقيتْ هذه الأبحاثُ بعد نشرها مركونةً في أدراجي إلى أن رغبتُ في الإفراج عنها، ونشرها في هذا الكتاب، ووضْعِها بين يدي المتلقّي الإماراتيّ والعربيّ».