فاطمة عطفة (أبوظبي)
تشكل رواية «غافة العذبة»، تأليف الكاتبة مريم الغفلي سردية إنسانية متشابكة الأحداث تحتفي بعالم الصحراء وجهود أبنائها قديماً في مواجهة تحديات القحط والجفاف، وتوفير الماء الكافي لحياتهم وحياة أرزاقهم من إبل وأغنام، إلى جانب حرصهم الشديد على حماية حلالهم من أطماع اللصوص، فضلاً عن الشجاعة وتطوع رجال القبائل للدفاع عن الأرض والعرض. ويواجه القارئ شبكة واسعة من الأسماء لا تقل عن ثلاثين شخصية، وأولهم عائلة هلال وزوجته اليازية وابنهما منصور وابنتهما العذبة، وهناك أيضاً سيف وسلامة، إلى جانب أسماء عائلات أخرى مجاورة ومتعاونة معهم، منهم روية وأخوها ناصر وزوجته مدية وابنهما الغبشي، كما تقف في الطرف المقابل عصابة الجرابيع والغرباء من اللصوص، وعلى رأسهم رشود الحصني وأخوه بوالضروس. وهناك شخصيات ثانوية لاستكمال الأحداث، منها شيخة بنت سالم حكيمة العرب، وعبيد عم هلال وزوجته الثانية ضبابة وولداهما الخبلة وثاني، وعبيدة وزوجها ياقوت الذي يرعى بمساعدة سيف عائلة هلال في غيابه، إضافة لراشد وربعه. وربما كانت شخصية بخيت الشرير لا تقل خطراً عن رشود وأخيه، بحسب سرد الرواية وعالمها المتخيل.
وتبدأ الرواية في يوم عيد والأهالي يتأهبون للاحتفال، ويقوم الشباب بعرض سباق، ومنصور هو الفارس الأول، كما أنه بطل الرواية حيث تشكل البئر التي جف ماؤها مشكلة كبيرة تشغل أذهان جميع الأهالي، ويظل منصور مصراً على مواصلة الحفر في البئر التي عمل جده فيها طويلاً، وجاءه في المنام طالباً منه أن يتابع مهمة الحفر على رغم معارضة أمه، ولا يجد من يساعده في رفع التربة إلا أخته العذبة، ولها موقعها المهم في شبكة الأحداث، وهي فتاة جميلة وذات شخصية قلقة! وجفاف البئر والصراع والرحيل والعودة وكهف الجن وأخطار اللصوص والغرباء والبحث عن كنز مهيد، هذه الخطوط المتشابكة تشكل عقدة الرواية بوجوهها المتعددة وتدور حول أمانة لا نعرف ما هي يتركها هلال عند زوجته اليازية قبل سفره.
وفي الختام تنتهي الرواية بعودة ناصر والعذبة، ويسلم هلال الأمانة لناصر وهي تحتوي على خنجر فضي، إضافة إلى أساور ذهبية. والرواية لا تخلو في بعض أحداثها من غموض شاعري، ولكن النهاية السعيدة تريح القارئ كما أنهت أسباب الخلاف بين الأهالي.