أبوظبي (الظفرة)
نظم مركز أبوظبي للغة العربية، ضمن برنامجه الثقافي في مهرجان الظفرة للكتاب 2023، ندوة بعنوان «الصحافة الثقافية وصناعة الوعي بالثقافة»، استضاف خلالها كلًا من الإعلاميين المخضرمين عبد الحميد أحمد، رئيس تحرير صحيفة «جلف نيوز»، والكاتب والإعلامي علي عبيد الهاملي، تحدثا فيها عن واقع الصحافة الثقافية اليوم في ظل ما آلت إليه الصحافة الورقية من تراجع رافقه انتشار واسع لوسائل التواصل الاجتماعي، وذلك في حوار مفتوح مع الجمهور أدارته الدكتورة برلنت قابيل، رئيس قسم البرامج في مركز أبوظبي للغة العربية.
قدمت الندوة، التي أقيمت على مسرح الحديقة العامة في مدينة زايد، معلومات قيّمة حول تاريخ الصحافة الثقافية وأبرز أسمائها في العالم العربي، وكيف ساهمت في رفع الوعي لدى جمهور القراء.
تشكيل الوجدان
وقال عبد الحميد أحمد إن رؤساء التحرير كانوا يشكلون وجدان محتوى الأخبار فيما مضى، مستشهدًا بنماذج من صحف عربية معروفة كان يشغل رئاسة تحريرها أدباء. فكانت الثقافة جزءًا من تكوينهم الشخصي. ومن هنا، جاء الاهتمام بتأسيس الصفحات والملاحق والمجلات الثقافية وإعطاء الخبر الثقافي أهميته. وقد ورث الجيل الثاني من رؤساء التحرير الاهتمام بالثقافة ولو لم يكونوا من الوسط الثقافي، فيما تغير هذا الأمر حالياً. 
وبالحديث عن انخفاض المستوى الثقافي على مواقع التواصل الاجتماعي، لفت عبد الحميد إلى أن السبب هو تراجع أعمال الأدباء الكبار والمهمين. فبعضهم يُفضلون النشر الورقي، داعيًا إياهم والمؤسسات الصحافية والثقافية بكافة أنواعها للتواجد والحضور القوي عليها بهدف الوصول إلى شريحة أكبر من القراء وجذبهم للثقافة، مشيرًا إلى الدور الإيجابي الذي تقوم به معارض الكتب حاليًا في نشر الثقافة على نطاق واسع، فهي تجذب الأطفال والشباب وتحببهم في الكتاب والقراءة، كما تطرق إلى «عروض الكتب» والتي أثبتت نجاحًا كبيرًا في الغرب.
تأثير الصحافة الثقافية
تحدث علي عبيد الهاملي عن تأثير الصحافة الثقافية في حياته العملية فقال: «نحن الكتاب بدأنا مشوارنا من خلال الصحافة الثقافية، وكان أكبر محفز لجيلنا أن تظهر أسماؤنا في الصحف. ومع أنها لم تكن متخصصة في الثقافة، لكنها كانت تعنى بها بقدر ما تعنى بالسياسة والاقتصاد. وقد رأينا قامات كبيرة أسسوا مجلات ثقافية، وشكلت الثقافة بالنسبة لهم رسالة أكثر منها وظيفة». وتساءل: «لكن هل ما زالت الصحافة الثقافية لها نفس القيمة لدى الجيل الجديد؟ ليجيب بالقول إن كل شاب وأديب اليوم له منصة خاصة يقدم من خلالها ما يريد، وهذا يخلق مشكلة بأنه لم تعد هناك قدوة للناشئين الجدد ومعايير للكتابة، ووجدنا كتابا كثر لا يملكون موهبة الكتابة ولا وسائلها أو اللغة المناسبة».
أزمة كتابة
وأفاد الهاملي أن الصحافة الثقافية تواجه مشكلة كبيرة في هذا الوقت. فرغم أن وسائل التواصل أصبحت متاحة للجميع، لكن هذا لم يخلق جيلًا من الكتاب والأدباء على قدر من الكفاءة التي تؤهله للمساهمة في الساحة الأدبية، ما يجعل هناك أزمة في الكتابة في العالم العربي، وقال: «ربما نحتاج إلى معايير للكتابة، فنحن لا نستطيع السيطرة على وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن يمكننا وضع معايير ولدينا نقد أدبي أيضا من خلال هذه الوسائل لنستطيع أن نقوّم الأدب وندفع به للأمام».
وأوضح الهاملي بأن هناك كتابا كُثر لديهم وسيلتهم في النشر الورقي، وهؤلاء هم الذين يثرون الساحة. أما النشر من خلال وسائل التواصل، فهو يسيء إلى الثقافة أكثر مما يخدمها، مشيرًا للحاجة إلى الملاحق الثقافية القديمة حتى لو نشرت بشكل إلكتروني، والوسيلة الوحيدة أمام ذلك هي أن تقوم المراكز المعنية بالثقافة مثل مركز أبوظبي للغة العربية والمراكز والمؤسسات الثقافية، بدور فاعل أكبر على منصات التواصل الاجتماعي الأمر الذي سيحدث نوعًا من التوازن بين ما يُقدم في وسائل التواصل الاجتماعي وبين ما هو مطلوب أن تكون عليه الثقافة في عصرنا الحاضر.