ريم البريكي (مسقط)
للمساكن في عُمان طبيعة جذابة تعكس أصالة الفن المعماري العُماني، وتفرده عن سواه، ومن الملفت للأنظار الهندسة والفلسفة الجمالية العميقة في صناعة الأبواب والشبابيك العُمانية المزينة التي تروي أكثر من حكاية شائقة عن إبداعات ومهارة النجار العماني، وتمثل جانباً مشرقاً ومشرفاً للفن المعماري العُماني، ففي جماليات الأبواب والنوافذ هندسة وحضارة هي نتاج جمالي عُماني صرف، تأثر بامتزاج الوجدان مع تراب الوطن، ورائحة اللبان، ونكهة الحلوى العُمانية، وحكايا البحارة العُمانيين الذين جابوا المحيطات، وإرث حضارة عريقة سكنت الأرض وامتدت جذورها عبر الحقب التاريخية وتوالي الأجيال.
حِرف صناعية
وتتفق الأبواب وشابيك النوافذ في المساكن والقصور العُمانية على اختيار الخشب كمادة رئيسية في صناعتها، ويعود السبب في ذلك لانتشار صناعة الخشب في عُمان بشكل كبير، الذي كان نتاجاً طبيعياً لخصوبة أرض السلطنة، وتوفر الأشجار المختلفة والاستفادة منها في حرف صناعية مختلفة منها صناعة السفن، و«المناديس»، وصناعة الأبواب والشبابيك. كما أن لعُمان أيضاً علاقات تجارية قوية مع دول العالم، مما أسهم في ترسيخ علاقات قوية تجارياً عبر عمليات الاستيراد والتبادل التجاري بين السلطنة والدول المصدرة للأخشاب، وتأتي الهند كأحد أهم مصادر الخشب المصدَّر لعُمان، وعلى مر الزمن فضل العُمانيون استخدام خشب الساج الهندي، وخشب الورد، بشكل خاص.
تطور حضاري
ومع تطور عجلة الزمن، والتقدم الحضاري والعمراني الذي تشهده السلطنة، ما زالت هذه الأبواب العريقة، تزين مداخل كبرى المطاعم الشهيرة في عُمان، والمساكن الفاخرة، والفنادق العالمية، اعتزازاً بجمالية الفن المحلي، وبراعة الحرفي العُماني، وتفرد الأبواب بزخارفها وقوة وصلابة الأخشاب وصمودها في وجه التغيير وعوامل الزمن.
و«من أشهر الأبواب في عمان الباب المسماري الذي يتميز بقوته وصلابته وتماسك أجزائه، وهو مكون من شرائح خشبية مصفوفة بجانب بعضها بعضاً، بشكل رأسي، وتتم تثنيتها بشكل محكم بوساطة أضلاع خشبية قوية، وتوضع بشكل أفقي خلف شرائح رأسية، تسمى الأضلاع الأفقية «شلامين»، وتثبت مع شرائح الباب بوساطة مسامير ذات رؤوس كبيرة «أبوقبة»، وتظهر هذه المسامير في صفوف متوازية في واجهة الباب لتؤسس لمتانته وتشكل عنصراً زخرفياً جميلاً»، بحسب ما أورده الدكتور هاني فاروق في كتابه «الأبواب التراثية بالحارة العُمانية».
نقوش وزخارف
ووفقاً لراشد بن صالح، من ولاية الرستاق، الذي روى لنا مشاهد من ذاكرته المكتنزة حول سوق نزوى وهو سوق كبير، يجتمع فيه تجار لمختلف السلع، ومنها الأبواب الخشبية، ولذا فهو مقصد لجميع العُمانيين للبحث عن أجود السلع وأندرها يقول: «كانت تزين الأبواب مسامير برونزية قوية، ثقيلة الوزن، وتزين تلك الأبواب نقوش وزخارف هندسية، تحمل أشكالاً لأغصان أشجار، ونباتات، ورسومات على واجهة الأبواب، والنوافذ، وللأبواب شكلان، فإما أن تكون فردة أو فردتين، وأغلب ارتفاعات تلك الأبواب تصل إلى المترين للبيوت وثلاثة أمتار لأبواب القصور والحصون والقلاع والمساجد».
وصناعة النوافذ أو المشربيات أيضاً من الحرف المنتشرة بشكل واسع في عُمان، وتختلف أحجامها بحسب المساحات وتوزع حول المسكن بشكل مدروس، يضمن جمالية المسكن وتناسُقه، وهو ما يبرز من الاهتمام بتوزيعها داخل المنزل وخارجه.