الشارقة (الاتحاد)

أشار أدباء وكُتاب إلى أنّ القصة القصيرة حاضرة وبقوّة في الأدب العربي على الرغم من أنّها لم تصل بعد إلى مستوى الرواية، وذلك بفعل العديد من الأسباب أهمها طبيعة القصة القصيرة المكثّفة وحاجتها إلى فن التقطير والحساسية التي قد لا يتقنها أيّ كاتب. جاء ذلك خلال جلسة ثقافيّة ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب 2023، التي تقام في إكسبو الشارقة حتى 12 نوفمبر 2023 تحت عنوان «نتحدّث كُتباً».
وشهدت الجلسة مشاركة كلّ من جمال فايز السعيد كاتب قصّة وروائي قطري، وسعاد العريمي كاتبة إماراتيّة وناشرة في مجال الأدب والرواية والقصّة القصيرة، والدكتور إبراهيم أبو طالب أكاديمي وشاعر وكاتب أدب أطفال يمني، فيما أدارت الجلسة الدكتورة ولاء الشحّي.

شجرة بثلاثة فروع
وقال جمال فايز السعيد: «القصّة والرواية من شجرة واحدة ولون أدبي واحد لها ثلاثة فروع وهي (القصّة، والرواية، والقصّة القصيرة)، والمنافسة والتحدي بين الرواية والقصّة هي مثل المد والجزر، فعندما تأتي عوامل لصالح الرواية فهذا ينعكس إيجاباً على الثقافة والقرّاء وكذلك هو الحال للقصّة القصيرة» مشيراً إلى أن انتشار وسائل التواصل الاجتماعي قدّم خدمة للقصة القصيرة بفعل حجمها، أمّا انتشار الجوائز المتخصّصة فقد خدم الرواية، موضحاً أن الأمر لا يتمثّل بانتشار فنّ على حساب الآخر.
وتابع: «لكلّ لون من هذه الألوان جمهوره الخاص، وكل أدب له مزاياه وخصائصه التي تسهم في انتشاره بشكل أو بآخر. وأكبر تحدٍّ للقصة القصيرة طبيعة الجنس الأدبي ذاته، فالقصة القصيرة عند النظر إلى خصائصها فهي تعتمد على التكثيف والوحدة الفنيّة والمساحة الضيّقة للتعبير».

إشراقات لافتة 
وبدوره قال الدكتور إبراهيم: «لا شك أن المشهد القصصي العربي شهد في بدايات السبعينيات وحتى نهاية الألفية الثانية إشراقات لافتة شملت مشرق الوطن الكبير ومغربه وبرزت أسماء قصصية تبوأت المشهد الثقافي العربي». وأضاف: «القصّة القصيرة حاضرة وبقوة وبلغة الأرقام فعدد ما صدر من مجموعات قصصيّة في قطر واحد هو اليمن بين عامي 1957 و2022 وصل إلى 454 مجموعة قصصيّة، إضافة إلى 40 مجموعة قصصيّة قصيرة جداً، وفي ذات البلد صدرت 554 رواية، ولذلك فلا يوجد فارق كبير على الرغم من أنّ الرواية أقدم».
وتابع: «القصة القصيرة ما زالت لا تتمتع بنفس جماهيريّة الرواية والسبب في ذلك أن القصة فنّ التكثيف والتقطير والحساسيّة العاليّة فقد لا يستطيعها كلّ كاتب، وكذلك فإنّ القصة حتى في شكلها الكلاسيكي فنّ صعب لأنها تتعامل مع لحظة إنسانيّة واحدة منذ البداية حتى النهاية». موضحاً أن القصة القصيرة تمثّل تحدياً للكاتب في إطار حدودها الضيقة ليصنع منها عوالمه وشخصياته بأبعاد الفيزياء المعاصرة محققاً الاندهاش والتأمل والجماليّة معاً.

فنّ نسوي
من جهتها أشارت سعاد العريمي إلى أنّ معظم مؤلفي القصّة القصيرة في دولة الإمارات من النساء، والإشكالية في البداية على مستوى الإمارات كانت في مسألة التدوين، إذ لم يكن بشكل مناسب، وقالت: «إن القصّة الإماراتية بدأت منذ فترة طويلة وكنّا نسميها الحكاية».
وأضافت: «لكلّ زمن حيثيات معينة وعوامل تؤثر على النوع الأدبي، فعلى سبيل المثال ما زاد انتشار الرواية هي الجوائز الضخمة التي تحدّت الكاتب لإظهار أجمل ما لديه، وهنا خفتت القصة القصيرة شيئاً ما».