سعد عبد الراضي (الشارقة)

نظم معهد الشارقة للتراث ندوة بعنوان: «التراث والإبداع في الفن الإماراتي»، شارك فيها الدكتور محمد يوسف، رئيس جمعية الإمارات للفنون التشكيلية، والدكتورة نهى فران، مؤلفة الكتاب محور الندوة، ورئيسة تحرير مجلة التشكيل، والفنانة سلمى المرّي، وقد سبق الندوة حفل توقيع الكتاب الذي يحمل عنوان الندوة والصادر عن المعهد، بالتعاون مع جمعية الإمارات للفنون التشكيلية.
 وناقشت الندوة ما يمتاز به هذا الإصدار باعتباره عملاً بحثياً توثيقياً، نظراً لأنه لا يستقرئ التاريخ والتراث والموروث الثقافي فقط، بل يحلل ويبحث عن أثرها في الفنون المرئية الحديثة والمعاصرة، حيث دمجت الباحثة فيه الأبعاد الفكرية والاجتماعية للتراث والموروث الثقافي بالمعطيات الاستاتيكية والاتجاهات الفنية المختلفة.
والكتاب محور الندوة يوثق التراث الإماراتي وتجلياته في الأعمال الفنية، ويضم مجموعة كبيرة من الفنانين الإماراتيين من أجيال مختلفة، ممّن أبدعوا خلال مسيرتهم العديد من الأعمال الفنية التي ترتكز على استلهام التراث، وتقديم رؤية فنية خاصة ومعاصرة.
الفنان الإماراتي والتراث
وقالت مؤلفته الدكتورة نهى فران، خلال الندوة، إن الفنان الإماراتي استلهم عناصر ومفردات كثيرة من فنون الحضارات القديمة، كالفنانة د. نجاة مكي التي استلهمت آثار مليحة، وبشكل خاص العملات المعدنية وجسدتها في العديد من أعمالها، وكذلك منى الخاجة التي استلهمت الكتابة التي وجدت من خلال التنقيب عن الآثار في مليحة، وقدمت سلسلة من اللوحات المستوحاة من هذا الخط، وأيضاً الفنانة سلمى المري، التي ارتكزت على الأساطير والحكايات الشعبية وغيرهما، إضافة إلى الفنون الإسلامية من خط وزخرفة ومنمنمات، فالثقافة الإسلامية حاضرة في وجدان وأعمال معظم الفنانين في الإمارات، إضافة إلى التراث المادي والموروث الشعبي والبيئة الصحراوية والبحرية والجبلية (والزراعية في مناطق محددة)، وقد جسّدوا ذلك في أعمالهم الفنية، وعمل بعضهم على محاكاة تلك العناصر من خلال أعمالهم الفنية، بطريقة مباشرة، فتجسّدت كشاهد على الزمن والحقبة التاريخية، كأعمال الفنان أحمد الأنصاري، والفنان عبيد سرور وغيرهما، والبعض الآخر استخدم مفردات التراث كعنصر أساسي في تنفيذ العمل الفني، كالفنان د. محمد يوسف، والفنانة د. نجاة مكي، والفنان حسين شريف وغيره، إضافة إلى استلهام البعض لعناصر من التراث، وتشييد عملهم الفني على أساسه، كاستلهام شكليّ القرقور، عند الفنان خالد البنا، والبرقع عند د. كريمة الشوملي، وغيرهما عند العديد من الفنانين.
الثقافة الشعبية 
وأكد الدكتور محمد يوسف، رئيس جمعية الإمارات للفنون التشكيلية، أن الجمعية تسهم من خلال رؤيتها ورسالتها في إرساء مشهد ثقافي، وتشجيع ورعاية الإبداع، وتعزيز التراث، وتأصيل الهوية، وتطوير الذائقة البصرية، وتسعى الجمعية إلى تحقيق تلك الأهداف بكل الإمكانات المتاحة، وبمختلف أنواع الفعاليات من معارض ومحاضرات وندوات وإصدارات تثقيفية. وأضاف يوسف، الذي أنجز خلال مسيرته مجموعة من الأعمال الفنية التجهيزية، معتمداً في تجسيدها على عناصر ومكونات من البيئة الإماراتية والموروث الشعبي قائلاً: أنا مع الجيل الذي يربط حاضره بماضيه، ويسلم إشارات للمستقبل والارتباط بالبيئة، وإن أهم بيئة لزرع الهوية هي أن تدخل عالم الفن من خلال معطياتك ودلالتك المحلية للوصول إلى العالمية.
الأساطير والحكاية الشعبية 
قالت الفنانة سلمى المري: غالباً ما يتم الكشف عن جوهر الأسطورة بطرائق لاهوتية أو إثنوغرافية، وينظر إلى الميثولوجيا على أنها بدعة أو وهم أو نتاج خيال، ولكن الأسطورة ليست اختلاقاً، وإنما تتضمن بنية بالغة الصرامة والتحديد، وبالتالي فهي منطقياً، وقبل ذلك جدلياً، مقولة ضرورية للإدراك وللوجود عموماً.
وتطرق الحديث إلى معطيات الكتاب الذي يؤكد أن التراث مرجعية تاريخية وثقافية أصيلة في توليد المعارف وتأصيل الهوية.