محمد نجيم (الرباط)
في مدينة تطوان، يعرض الفنان التشكيلي والنحات المغربي عبد الكريم الوزاني، الكثير من أعماله التي أبدعها منذ عقود من الزمن، وأصبحت من أيقونات الإبداع البصري في المغرب وخارجه. ويعتبر الوزاني من أساطين النحت المغربي، وتمتد تجربته إلى سنوات طويلة من العمل الإبداعي والفرادة في طرح مواضيع أعماله التي تحمل تعبيرات جمالية تتناغم مع الفضاء وغنية بمقومات الفن الرفيع الذي يؤشر على وجود لغة تشكيلية تحمل بصمة الفنان، ويصعب أن نجدها في أعمال غيره من الفنانين، سواء داخل المغرب أو خارجه.
معانقة الضوء
في تقديمه لأعمال الفنان عبد الكريم الوزاني، يقول الناقد الفني فيليب بلون، إنها أعمال تعرض لأول مرة في الهواء الطلق، لتعانق الضوء في حديقة جبلية فسيحة تطل على مدينة تطوان. هذا المعرض يأتي بعد أربعين سنة أو يزيد على إقامة «معرض الربيع» الذي نظمه الوزاني رفقة أصدقائه التشكيليين، والذي كان منطلقه في الإبداع، واختياره الأساس الذي حدد منهج اشتغاله مدى الحياة. أما الناقد الجمالي فريد الزاهي فقد وصف أعمال الوزاني بكونها تكاد تغدو لعب أطفال ينصبها في الفضاء، وتكبر وتتعالى حتى تغدو أشبه بأرجوحة. هكذا يمنحنا هذا الفنان منذ أكثر من ثلاثة عقود كيانات فاتنة تترجم عالمه المرئي، وتزج بنا في مكونات محيطنا لتعيد صنعه لنا وأمامنا بمزيج من الدهشة والمرح. منحوتات الوزاني ترفل بالكائنات، من ورد وأسماك وأشجار، تكاد تنبع من أيادي طفل لم يجد أمامه غير أسلاك الحديد والخرق والألوان كي يشكل بها تلك الكائنات. كما أن تجربته الفنية انزاحت منذ البداية عن كل هذا باحثة عن تميز من نوع آخر، يستبطن في الذات تلك الفرحة الطفولية بالرسم، جاعلة من الممارسة النحتية والتشكيلية لعبة طفولية مشحونة بالانفعالات.

بساطة المفردات
في حديثه، مقدماً منحوتاته، قال الفنان عبد الكريم الوزاني: «إن أعماله هي ترجمة وتعبير عن نظرته للأشياء التي تجاوره ويحس بها في الحياة، مؤكداً أنه يترك للمتلقي حرية تحليل وقراءة أعماله الفنية بنظرة شخصية خاصة». أما الناقد الفني عز الدين بوركة، فيصف أعمال الفنان عبد الكريم الوزاني قائلاً: يبدع الوزاني منحوتات هوائية، تعتريها خفة السند وخفة المرح الطفولي الذي يسُودُها. تمرح أعمال عبد الكريم الوزاني في جغرافيا سحرية، ومن الفضاء ذاته تخرج لوحاته الصباغية ومنحوتاته الهوائية، عامرة بروح طفولية تهرب من حالة الكبر، روح باحثة عن بلاغة شاعرية تعتمد على الإقلال في مواد الاشتغال والبساطة في مفردات جملة الإبداع.