هزاع أبوالريش (أبوظبي)
قد تمر على النشر والتوزيع معوقات تجعل الناشر أمام تحديات كبرى في عالم النشر الدوّلي، وثمة مميزات عديدة للنشر والتوزيع تشجع أصحاب دور النشر والتوزيع للمواصلة في ذلك المجال، منها تعزيز ازدهار الثقافة في مجال صناعة المحتوى ونشر المعرفة في المجالات كافة.
وفي هذا السياق، قالت الدكتورة وفاء أحمد، مؤسس دار الرخ للنشر والتوزيع وتنظيم الفعاليات: «عندما نفكر بتوزيع الكتاب والتحديات التي تواجه دور النشر بهذا الصدد، نتوقف كثيراً عند تكلفة طباعة الكتاب واختيار الغلاف والتدقيق اللغوي للكتاب مقارنة بتكلفة التوزيع الباهظة فيما بعد، والتي قد تصل إلى نسبة 60% من سعر البيع، حيث تذهب لصالح شركات التوزيع. وهذا أمر مكلف في الحقيقة، خاصة أن سوق النشر في بعض دول الخليج من الأسواق المكلفة إذا ما قارنّاها بالأسواق الأوروبية أو الأميركية أو العربية، فهناك عند الغرب ولأن سوق النشر تدرّ أرباحاً جيدة على المؤلف والناشر، نجد أن دور النشر تقدم للكتاب مبالغ نقدية مقدمة، مع توقيع عقد على الكتاب حتى قبل إكمال الكاتب له. كما تقدم دور النشر للكاتب الترويج وحفلات التوقيع وجولات عدة للترويج للكتاب لأنها تشكل سوقاً مربحة لدار النشر».

وتابعت: «أعتقد أن الحلول تكمن في جعل تكلفة طبع ونشر الكتاب أقل على دار النشر عن طريق الدعم الحكومي للمؤسسات التي تتولى الطباعة، كما يفضل أن يكون التوزيع بتكلفة أقل مما يشكل ربحاً لدار النشر حتى لا تتبنى فكرة طباعة الكتب بغض النظر عن فائدتها اللغوية والأدبية والثقافية».
إيصال الكتاب
ومن جانبها، قالت عفراء البنا، مؤسس منشورات الغاف: «قبل أن نبدأ في النشر وضعنا أمامنا بعض التحديات التي قد تواجه الناشر العربي في التوزيع، ومن أهمها وصول الكتاب للقارئ حيثما كان، ولتلافي هذه المشكلة أطلقنا متجر غاف الإلكتروني، وتعاونّا مع شركات توصيل بإمكانها إيصال الكتاب لمعظم دول العالم». وأشارت إلى أن مشاركتهم في المعارض المحلية والدولية وعمل تعاقدات مع مكتبات في دول مختلفة، جعلتهم أكثر حضوراً في عالم النشر والتوزيع، ما يسهل تجاوز معوّقات النشر.

وقالت عائشة علي الغيص، مؤسس دار الظبي للنشر: «تُعدّ مرحلة التوزيع من أهم وأصعب المراحل في عملية النشر، لأنه من دونها لا يمكن توصيل فكر وإبداع المؤلفين إلى القراء، ولأنه إذا لم يوزع الكتاب تكدست المؤلفات في المخازن ولحقت بالناشر خسائر جسيمة»، مؤكدة أن من المعوقات التي قد تواجه الناشر ضعف التسويق مقارنة ببقية الأسواق، وفي هذه الحالة قد يعتمد بالدرجة الأولى على الدعم الحكومي الذي يقدم بأشكال مختلفة.
وأشارت الغيص إلى أن الكتاب قد يتم بيعه بنسبة 53% في معارض الكتب، وما عدا ذلك فنسبة المبيعات قليلة، ولذا تؤكد أهمية المعارض وضرورة انعقادها، موضحة، الارتفاع المستمر في تكاليف إيجار المعارض المحلية والعربية، التي أصبحت من أهم منافذ التوزيع بالنسبة للناشرين، وفي هذا السياق كان للمبادرات التي اتخذتها القيادة الرشيدة بإعفاء الناشرين من الرسوم، كما في تجربة معرض أبوظبي الدولي للكتاب، دور كبير في دعم الناشرين.
وبيّنت أن من المعوقات التي تواجه الناشر أيضاً التحول الرقمي في قطاع النشر، وإمكانية الاكتفاء بالتسويق الرقمي للكتب، واستحداث بعض منصات التوزيع في الدولة لتوزيع الكتب وتسويقها في المعارض الدولية، وفي المناقصات مع المؤسسات الثقافية والجهات الحكومية ضمن مبادرة رائدة ومتميزة، ولكن الاقتطاع بنسبة 50% للتوزيع نسبة عالية ومرتفعة.

حلول ممكنة
أما بالنسبة للحلول، فأوضحت الغيص، أنه يمكن استحداث جمعية على مستوى الدولة متخصصة في التوزيع فقط دون النشر وتحديد نسبة محددة مناسبة ورمزية مقابل التوزيع، فنسبة 50% للتوزيع نسبة عالية، ما قد يحدو بالناشر إلى رفع سعر الكتاب أو رفع تكاليف الطباعة على المؤلف. واستحداث جمعية كهذه يساهم في دعم صناعة الكتاب، وفي دعم الناشرين، حيث إن الموزعين يأخذون نسبة كبيرة بخلاف الناشر الذي يبذل جهداً كبيراً في الارتقاء بالمحتوى المتميز. وبالإضافة إلى ذلك، عقد اتفاقيات وشراكات مع موزعين في بلدان جديدة، ما يحمل العديد من الفرص التي تخدم قطاع توزيع وبيع الكتب بالتجزئة، واستحداث منصات تخصصية غير ربحية تخدم الناشر لتسويق الكتب والاستخدام الاحترافي لمنصات التواصل الاجتماعي، ولاسيما أن التوظيف الاحترافي لتلك المنصات في الترويج للكتب، يساعد على الوصول إلى الجمهور المناسب لمحتوى الكتاب والفئة العمرية.