سيول (الاتحاد)

أكد باحثون وأكاديميون وإعلاميون من دولة الإمارات وكوريا الجنوبية، أن التراث مصدر ثري ومهم للإبداع في الأدب والفن، وأنه يساعد على خلق حكايات جديدة، وإعادة بناء حكايات قديمة في الأعمال السردية والسينمائية والدرامية، كما يمثل مخزوناً مهماً للأكاديميين في أبحاثهم التاريخية والتراثية، مشيدين بجهود الإمارات في تعزيز هويتها وتراثها، وتخصيصها موارد مالية وبشرية لدعم المشاريع والمبادرات التراثية في المجتمع، كما دعوا إلى التفاعل بين الأجيال، وتبادل الخبرات بين الشعوب.
جاء ذلك في جلسة حوارية بعنوان «استحضار التراث الإماراتي والكوري في الكتابة»، تحدث فيها كل من الكاتب والروائي سلطان العميمي، رئيس مجلس اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، مدير أكاديمية الشعر، والدكتورة زينب الياسي، الباحثة والمحاضرة في جامعة الإمارات، والإعلامي رائد برقاوي، رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة الخليج، والدكتور جي هونغ، الكاتب والباحث في دراسات الشرق الأوسط.
مصدر إلهام 
وخلال حديثه في الجلسة، دعا سلطان العميمي إلى ردم الفجوة بين الجيل الشاب ومكتسباته المعرفية المرتبطة بهويته وتاريخ منطقته وآدابه الشعبية، وبين الجيل الذي ما زال يحمل جزءاً من هذا التراث، مؤكداً أن «هذا النقل يجب أن لا يكون في إطار شكلي، بل يجب الغوص بشكل عميق في عناصر وأجزاء تاريخنا وتراثنا، من لهجة وأدب محكي وأشعار فصيحة ومحلية وعادات وتقاليد»، مشيراً إلى «أن الإرث الثقافي التراثي الشعبي في الإمارات يشكل مصدر إلهام لخلق حكايات جديدة أو إعادة بناء حكايات قديمة في أعمالنا السينمائية والدرامية وأبحاثنا التاريخية والتراثية، كما أنه يحفل بثراء كبير في الشخصيات التاريخية بكافة أشكالها، وثراء في البيئات والحكايات التي تتلاقى مع حكايات العالم».
دعم التراث
بدوره، أكد رائد برقاوي أن التراث كنز ثمين يجب المحافظة عليه ونقله إلى الأجيال القادمة، وهو ما تسعى إليه دولة الإمارات من خلال تجربتها الفريدة في الحفاظ على هويتها الثقافية والتاريخية، فمنذ تأسيس الاتحاد، ازدهرت الإمارات بفضل استقبالها للوافدين من مختلف الثقافات، ولكنها لم تغفل أهمية الاهتمام بالتراث والثقافة المحلية، والعمل على تكريسها وترسيخها في نفوس الأجيال، مشيراً إلى أن الدولة لهذا الغرض، خصصت موارد مالية وبشرية كبيرة لدعم المشاريع والمبادرات التراثية في المجتمع، مثل المنتديات والمهرجانات والمؤسسات الفكرية والأدبية، التي تساهم في بناء الهوية الوطنية الإماراتية، وتعزيز دور اللغة العربية وفنون الأدب الإماراتي.
مصدر ثري 
من ناحيتها، لفتت الدكتورة زينب الياسي إلى أن التراث هو مصدر غني ومهم للأدب، وخاصة النثر السردي، الذي يستفيد من تضمين عناصر ومضامين التراث في نصوصه، فالقاص الإماراتي يؤمن بأهمية التراث كرافد للحاضر، وأداة للارتقاء بالواقع، ووسيلة للتواصل مع المتلقي الذي يشاركه في هذا الماضي، مؤكدة أن حضور التراث في السرد الإماراتي يسهم في إثراء الذاكرة الجمعية، وتوسيع آفاق الزمان والمكان والشخوص، وإبراز التجربة الإنسانية المعاصرة، ولكنها في الوقت نفسه أشارت إلى أن هذا يتطلب من المبدع مهارة وتمكناً في التعامل مع التراث، بحيث ينتقي منه ما يخدم رؤيته وأسلوبه، ولا يقتصر على الحضور الشكلي أو السلبي.
تبادل التجارب 
من جهته، أكد الدكتور جي هونغ، أن دولة الإمارات وكوريا هما نموذجان للدول التي استطاعتا الحفاظ على تراثهما وموروثهما الشعبي، رغم التقدم الذي حققتاه في المجالات التنموية والاقتصادية، مشيراً إلى أن التراث هو ما ينقله الآباء لأبنائهم من قيم وعادات وتقاليد، وهو ما يشكل جزءاً من هويتهم وانتمائهم، ولكن هذا لا يعني أن التراث ثابت أو مغلق، بل يجب أن يكون هناك تفاعل بين الأجيال، بحيث يستفيد كل جيل من خبرات الجيل الآخر، ويضيف إلى التراث ما يتناسب مع زمانه ومكانه، لافتاً إلى أن هذا يتطلب من كل شعب أن يرسم هويته بنفسه، ولا يقبل بالصورة التي يفرضها عليه الآخرون، بل يعبر عن هويته من منظوره الخاص.