فينيسيا (وام) 

افتتح معالي الشيخ سالم بن خالد القاسمي، وزير الثقافة والشباب، معرض «وفرة قاحلة»، احتفالاً بالمشاركة الخامسة للجناح الوطني لدولة الإمارات في الدورة الـ18 من المعرض الدولي للعمارة في بينالي البندقية. ويرحب المعرض بالزوّار والجمهور لاستكشاف محتواه الإبداعي حتى يوم 26 نوفمبر 2023 في المقر الدائم للجناح الوطني في منطقة «أرسنال- سالي دي آرمي» في بينالي البندقية. ويبحث المعرض، المُقام برعاية القيّم الفني فيصل طبارة، الاحتمالات المعمارية التي يمكن استكشافها عندما نعيد تصوّر البيئات القاحلة كمساحات وفيرة، حيث يسلط الضوء على التقاطعات بين الممارسات المعمارية المتجذرة في بيئتها والتكنولوجيا المعاصرة داخل المناطق القاحلة في دولة الإمارات العربية المتحدة. ويستكشف المعرض الوفرة في الهضاب الصحراوية والوديان والسهول الساحلية في جبال الحجر وما حولها في دولة الإمارات.
وفي هذه المناسبة، قال معالي الشيخ سالم بن خالد القاسمي، وزير الثقافة والشباب: «إنّ مشاركتنا في هذه الاحتفالية العالمية المرموقة للفنون تترجم مكانة الإمارات الثقافية وتنوعها الاجتماعي، وتعكس إرثها الفنّي الغني الذي تجسّده المشاركات الإبداعية لمجموعة من الخبرات الفنية الإماراتية الفريدة، بما تطرحه من أفكار خلاقة تسهم في تميز ونجاح جناح الدولة في بينالي البندقية عاماً بعد عام». وتابع معاليه: «من دواعي فخرنا أن يشكّل الجناح الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة، وبعد 12 عاماً منذ مشاركته الأولى، علامة فارقة ومنصة إبداعية ملهمة ذات شهرة وتقدير عالميين، وأن تعكس إنجازاته ضمن البينالي، المشهد الإبداعي في بلدنا، شاهدةً على مكانة الفنون فيها، ومدى تقديره من قبل الفنانين وصنّاع الثقافة حول العالم، كجسر من الإمارات إلى العالم، ومنصة حوار ثقافي ولقاء حضاري إنساني».
جاء افتتاح معرض الجناح الوطني لدولة الإمارات في بينالي البندقية وسط حضور كل من معالي الشيخ سالم بن خالد القاسمي، وزير الثقافة والشباب، والشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة، رئيس هيئة البحرين للثقافة والآثار، والشيخة بيبي الصباح، رئيس مجلس إدارة جمعية السدو الكويتية، وشذى الملا، الوكيل المساعد لقطاع التراث والفنون بوزارة الثقافة والشباب، وسعيد خرباش، المدير التنفيذي لقطاع الفنون والآداب في هيئة الثقافة والفنون في دبي «دبي للثقافة»، ود. محمد الجسار، الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب لدولة الكويت بالإنابة، وناصر الخاجة، رئيس قسم الشؤون الإعلامية والدبلوماسية العامة لدى سفارة دولة الإمارات في إيطاليا، والدكتور فاركي بالاثوتشيريل، عميد كلية العمارة والفن والتصميم في الجامعة الأميركية بالشارقة.
منصة ثقافية مهمة
أكد معالي الشيخ سالم بن خالد القاسمي، وزير الثقافة والشباب، أن الثقافة والإبداع من الموارد المتجددة في الدولة، مما يجعلها ضرورية لمسيرة التنمية المستدامة. واعتبر معاليه إطلاق الاستراتيجية الوطنية للصناعات الثقافية والإبداعية تزامناً مع العام الدولي للاقتصاد الإبداعي من أجل التنمية المستدامة في عام 2021 برهاناً على التزام دولة الإمارات العربية المتحدة بأهداف التنمية المستدامة.
ونوه معاليه إلى أن مشاركة دولة الإمارات العربية المتحدة في المعرض الدولي للعمارة في بينالي البندقية 2023، تؤكد التزامها بالمشاركة في النواحي الثقافية عالمياً. وقال معاليه، في تصريحات لوكالة أنباء الإمارات (وام) بعد افتتاحه معرض «وفرة قاحلة»، احتفالاً بالمشاركة الخامسة للجناح الوطني لدولة الإمارات في بينالي البندقية، إن مشاركته في المعرض تهدف إلى إظهار دعمه لجناح الدولة في هذه المنصة الفنية والثقافية المهمة، كما تعبر عن أهمية دور الدولة في المعرض الدولي.
وأوضح أن وجود الدولة للعام الثاني عشر على التوالي في المعرض العالمي يؤكد التزامها بالمشاركة في النواحي الثقافية عالمياً. كما يشير إلى مدى اهتمام قيادة الدولة بتطوير حركة إبداعية قوية في الدولة وتعزيز الفن والثقافة محلياً وإقليمياً وعالمياً، ودعم الفنانين والمهندسين المعماريين في عرض أعمالهم في منصات دولية مرموقة، لإظهار تطور المشهد الإبداعي المحلي في الإمارات العربية المتحدة. 
ترويج للمواهب الوطنية
وأعرب معالي القاسمي عن فخر الدولة بكونها جزءاً من هذا المعرض المرموق للترويج لإبداعاتها المعمارية وعرضها لزوار المعرض الدوليين، وأضاف أن الجناح الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة فاز بجائزة الأسد الذهبي بعدما حقق أفضل مشاركة وطنية في بينالي البندقية 2021 لعرضه العلاقة بين الإنتاج وتدوير النفايات محلياً. وأضاف أن بينالي البندقية يعد بمثابة منصة رائعة للترويج للمواهب الوطنية في الدولة وعرض القيم الثقافية والفنية للدولة. وأوضح أن العمارة تعد عنصراً أساسياً من عناصر الثقافة التي تعرض الحضارة وماضيها وحاضرها ومستقبلها. وقد تم التعبير عن ذلك بشكل رائع في معرض الإمارات العربية المتحدة لعام 2023 ليستمد من الماضي ويبني للمستقبل. كما يساهم في تعزيز العلاقات الثنائية بين الإمارات وإيطاليا.
جسور تواصل
وأكد وزير الثقافة والشباب أن مشاركة الدولة في المعرض الدولي المهم تمثل أحد أهم أوجه الدبلوماسية الثقافية للدولة، وهي إحدى الأدوات المهمة للتفاعل مع الأوضاع العالمية. وتساهم الدبلوماسية الثقافية للدولة في بناء جسور التواصل بين ثقافات العالم وتعزيز السلام والاستقرار العالمي. وتتضمن أهداف الجناح الوطني للدولة تسليط الضوء على الحياة في المساحات الصحراوية وإظهار علاقتها بالتعامل مع تداعيات التغير المناخي في ظل استعداد الدولة لاستضافة الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف (COP28) في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في دبي من 30 نوفمبر حتى 12 ديسمبر من العام الجاري. وفي هذا الإطار، أشار وزير الثقافة والشباب إلى «تمكن أسلافنا من التكيف مع الظواهر المناخية وتبني ممارسات مستدامة تهدف إلى التعايش مع الظروف المناخية الصعبة في منطقة الخليج العربي. وتزخر ثقافتنا بالممارسات التقليدية التي تحتوي على دروس في أنماط الحياة المستدامة والتغلب على شح المياه والغذاء». وسلط الضوء على التزام دولة الإمارات بالانخراط في حوار عالمي حول حماية البيئة، مشيراً إلى أن مشاركة الدولة في معرض عام 2023 تعرض للعلاقة بين تدوير النفايات والإنتاج محلياً وعالمياً. وفي هذا الإطار، أوضح معاليه أن النهج الاستشرافي للدولة وإرث الأسلاف يعتبر بمثابة مصدر إلهام للقيادة الرشيدة لإطلاق سياسات واستراتيجية وطنية تستهدف بناء مجتمعات مستدامة وشمولية. وقد تمكنت الدولة التي تزخر بتراث ثقافي ثري من تعزيز إرثها الثقافي بفضل عدد من العوامل، أهمها السياسات الاستراتيجية التي أطلقتها قيادة الدولة والمواهب الوطنية الإبداعية.
تمكين الإبداع
وأضاف وزير الثقافة والشباب: «تقدم الاستراتيجية الوطنية للصناعات الثقافية والإبداعية إرشادات لبناء بنية تحتية قوية للاقتصاد الإبداعي من خلال تمكين الإبداع وخلق بيئة مواتية لممارسة الأعمال التجارية. وتعتبر الموهبة بمثابة أعظم مورد للصناعات الإبداعية. لذلك، فإن إنشاء الوسائل المناسبة لدعم المواهب يعتبر خطوة للأمام في الاتجاه الصحيح. فعلى سبيل المثال، تنص الاستراتيجية على منح دراسية لتوفير التدريب والتعليم للمبدعين الشباب للحصول على وظائف في المجالات الإبداعية. بالإضافة إلى أنها تعالج نقاط الضعف للمبدعين وتقدم حلولاً لمعالجتها والتي تشمل التمويل وتوفير القنوات المناسبة للعرض والتوزيع. وتدعم الدولة المشاريع الإبداعية من البداية إلى النهاية. والجناح الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة هو أحد هذه المساعي التي تدعمها حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة لتعزيز الإبداع والمواهب».
وقال معالي الوزير: «يتمتع الفن والثقافة بالقدرة على تعزيز التواصل بين البشر. فإن الدبلوماسية الثقافية تعمل على تعزيز الاستقرار والسلام العالمي من خلال دعم التفاهم المتبادل والثقة ودعم التنوع الثقافي، كما أن مبادرات مثل ترينالي الشارقة للعمارة تعتبر إحدى المنصات التي تمثل المواهب من الإمارات العربية المتحدة ومنطقة الشرق الأوسط وكذلك أفريقيا وجنوب آسيا من خلال تمثيل جنوب العالم، وتعزيز التعاون بين الجنوب والجنوب ويعزز التنوع والتماسك». وأكد قدرة المنصات الكبيرة على غرار بينالي فينيسيا لتعزيز العلاقات بين الدول، مشيراً إلى قوة ومتانة العلاقات الثنائية بين الإمارات العربية المتحدة وإيطاليا، وأن مثل تلك المبادرات تعزز من هذه العلاقات.
زخم المشهد الثقافي
قال فيصل طبارة، القيم الفني لمعرض الجناح الوطني لدولة الإمارات 2023: «نطمح من خلال معرض (وفرة قاحلة) إلى تغيير التصورات التقليدية السائدة حول البيئات القاحلة التي تصفها بأنها فقيرة وشحيحة الموارد، وإعادة تصورها كمساحات منتجة وغزيرة بالموارد والمعرفة، من خلال استكشاف أنظمة بناء معاصرة وبديلة متجذرة في المحيط البيئي والثقافي لدولة الإمارات العربية المتحدة».
كما يضم المعرض بين أركانه لوحة كبيرة تحمل تفاصيلها جمال الطبيعة الساحرة والثقافة المادية في جبال الحجر، حيث تسرد ثماني قصص عن الممارسات التي تم ملاحظتها في رحلاتنا الميدانية داخل دولة الإمارات العربية المتحدة لتطوير هذا المعرض. 
من جهتها، قالت أنجيلا مجلي، المدير التنفيذي لدى مؤسسة سلامة بنت حمدان آل نهيان: «يسلط لجناح الوطني لدولة الإمارات الضوء على المعرفة والدراسات البحثية المحلية المبذولة في تطوير حلول مستدامة جماعية تواكب احتياجات المستقبل.. وقد نجح الجناح الوطني لدولة الإمارات في ترسيخ مكانته منصّةً حيويةً تستعرض تطوّرات المشهد المعرفي والإبداعي المحلي على ساحة دولية طوال الـ12 عاماً الماضية، ما يتيح لنا المشاركة بشكل فعال في الحوار العالمي المستمر».
بدورها، قالت ليلى بن بريك، مديرة الجناح الوطني لدولة الإمارات في بينالي البندقية: «يصادف هذا العام المشاركة الثانية عشرة لدولة الإمارات في بينالي البندقية، بينما نواصل دروبنا نحو استكشاف وإبراز زخم تطورات المشهد الثقافي في دولة الإمارات». 
ويرافق المعرض هذا العام كتاب بعنوان «على مد البصر: مشاهد من وفرة قاحلة»، شارك في تحريره كل من فيصل طبارة وميثاء المزروعي، وقد تم تصوّره على أنه كتاب رحلة سفر، يقدم رؤية جديدة تخالف التصوّرات المسبقة حول البيئة القاحلة.