محمد عبدالسميع (الشارقة)
نظم النادي الثقافي العربي في الشارقة، مساء أمس الأول، أمسية شعرية بعنوان «مطر برسم الحب»، بمشاركة الشاعرين أحمد عبد الغني ونجاة الظاهري، وأدارها الإعلامي محمود نبيل العيساوي، الذي استهل الأمسية بقوله إن الشعر لحن المحب، ودليل المريد، وكرامة العارف، الشعر بيت النور والسلام، والوجه المليح لدنيا الحيارى الساهرين.
رمز جازي
البداية كانت مع الشاعرة نجاة الظاهري، وهي شاعرة إماراتية أصدرت حتى الآن دواوين شعرية عدة، وبرزت في الدورة الخامسة عشرة من مسابقة أمير الشعراء، فحصلت على المركز الثاني فيها، استهلت قراءتها بقصيدة «رياح أبي»، وهي قصيدة بديعة اتخذت فيها من الرياح رمزاً مجازياً لصورة للبنت المحببة إلى والدها، فكانت صورة الرياح في هبوبها وارتفاعها ونزولها وتموجها وعنفها وهدوئها، هي صورة البنت فرحها ولعبها وحزنها وانكماشها، ورقصها وتموج شعرها، وشجاعتها وخوفها، وفي كل ذلك كان الأب حاضراً بيده الحانية التي يهدهد بها الرياح، ويمشط بها موجاتها ويربت بها عليها، ويطلقها بها لتطير فرحة، ويتلقفها بها كي لا تسقط كسيرة.. صورة بديعة غابت فيها الشاعرة، كذات مصرح بها، لكنها حضرت في صورة «بنت أبيها»، ووظفت لها كل الأدوات الشعرية لكي تأسر السامع.
شفّافية الكلمات
على هذا المنوال، جرت قصائد الشاعرة الأخرى التي قرأتها، مثل «لحظة الدخول في القصيدة»، و«ضياع وسبيل ندم»، و«عشق في الثلاثين».
من قصيدة (رياح أبي)، تقول نجاة الظاهري: (وكان أبي يمشّطُ بالأغاني/ رياحاً قبّلتْ قدميهِ عصراً، يداعبها ببسمته، وفيها/ يرى ما لا يُرى.. سكَناً وشِعراً، ويدخلُ كفّهُ فيها كما لو/ يموسقها.. لترقصَ أو لتبرا، تُموّجُ بين لحيتهِ يديها/ وترفعُ ثوبه الفضفاض شبراً).
الشاعر أحمد عبد الغني بدوره قرأ قصائد عدة، وهو شاعر مصري شاب، وينخرط بدوره في الموجة الشعرية الجديدة، الصورة لديه هي مجموعة من الدوالّ المجازية التي تتآلف من خلف المعنى الظاهر لتنسج مدلولا بعيدا، لكنه قريب بحكم شفّافية الكلمات والإيقاع والصور الظاهرة التي تتآلف كلها للإشارة إليه، إنها كيمياء شعرية جميلة، وقد رفدتها على المستوى النفسي مسحة حزن.