هويدا الحسن (العين)
منذ الحضارات القديمة لجأ البشر إلى تدوين كتاباتهم بأساليب مختلفة، وأول من استخدم الطباعة هم البابليون، لكن ليس بشكلها المتعارف عليه الآن، وإنما بتكنيك مقارب، لكنه بشكل أبسط من خلال استخدام أختام أسطوانية تطبع على لوحات طينية لأسماء التجار والملوك والأثرياء للتعرف عليهم، ووجه التقارب مع الطباعة الحالية يتمثل في الحصول على عدة نسخ من أصل واحد عن طريق استخدام تلك الأختام الأسطوانية، وقد كتب المصريون القدماء أيضاً على ورق البردي منذ القرن الثالث قبل الميلاد، وكذلك كتب العرب القدماء على ألواح الحجارة والعظام والجلود والخشب وجريد النخل، وبعد ذلك كتب الرومان على الورق، إذ كانوا يستنسخون عليه شكلاً يشبه الكتاب.
الطباعة الحديثة 
في كتابهما «الكتاب العربي المطبوع من الجذور إلى مكتبة بولاق»، يرصد كل من دكتور خالد عزب وأحمد منصور تاريخ تطور الطباعة من الألواح الخشبية على يد الصينيين باستخراج عدة نسخ بالطباعة من كتاب واحد، وذلك بالحفر على الخشب والحجر بحيث تبرز الحروف المراد طبعها إلى الخارج، وانتقلت منها إلى اليابان خلال القرنين الثامن والتاسع الميلادي، وقد تمكنت الصين من طبع أول عملة ورقية لها عام 950 ميلادية، وانتقلت منها إلى بلاد الشرق ثم إلى أوروبا.
ويستعرض الكتاب في فصله الثاني تطور اختراع الطباعة الحديثة، فيرجع تاريخها إلى عام 1456 في ألمانيا على يد جوتنبرج، الذي تمكن من صنع حروف الطباعة المتفرقة من المعدن، وكانت حروف الطباعة الأولى باللغة اللاتينية، وتمكن جوتنبرج من طبع الكتاب المقدس في غضون ست سنوات، ليكون أول كتاب مطبوع في التاريخ، ويعد جوتنبرج هو صاحب فكرة أول آلة طابعة في التاريخ، واستلهم فكرتها من كابسة العنب التي كانت شائعة الاستخدام في ذلك الوقت لصنع النبيذ.
انتشرت صناعة الطباعة بالحروف المعدنية في باقي مدن ألمانيا بعد أن شب حريق في مدينة ماينز - مسقط رأس جوتنبرج - فهاجر السكان إلى مدن أخرى وكان منهم عمال مطبعة جوتنبرج، ثم انتقلت بعد ذلك إلى سويسرا وفرنسا وإيطاليا وهولندا وباقي دول أوروبا ومنها إلى أميركا.
الطباعة عربياً
تأخر دخول الطباعة إلى الدول العربية تاريخياً بسبب خوف العثمانيين من دخول الطباعة حتى لا تنتشر طباعة الكتب والصحف التي قد تؤلب الشعوب ضدهم، إلا أن الطباعة عرفت طريقها بعد ذلك للعالم العربي في البداية بلبنان وسوريا في أوائل القرن الثامن عشر على يد البعثات التبشيرية الكاثوليكية الآتية من فرنسا، ثم في مصر خلال فترة الاحتلال الفرنسي عندما جلب بونابرت معه طابعة وأنشأ أول مطبعة بعدة لغات هي العربية، والتركية والفرنسية والسريانية.
وقد أنشئت أول مطبعة في مصر على يد محمد علي الذي أنشأ مطبعة بولاق عام 1821 بهدف طبع الكتب التعليمية للمدارس، فكانت أول مطبعة تنشأ في العالم العربي.