سعد عبد الراضي (أبوظبي)
الكاتبة والناشرة الإماراتية الدكتورة عائشة علي الغيص وباحثة في مجال التراث ومهتمة أيضاً بالكتابة في أدب الطفل واليافعين والنقد وجمع الموروث الشعبي والتراث الشفهي، لها ذكريات خاصة في الشهر الكريم، حيث تقول لـ«الاتحاد»: لشهر رمضان خصوصية وتميُّز روحي مختلف عن كل الشهور الأخرى، حيث النفحات الروحية والطاعات والعبادات وقراءة القرآن الكريم، وسباق الناس لفعل الخيرات ومساعدة بعضهم بعضاً. وتضيف: الكاتب أو الأديب ليس بمعزل عن الساحة فهو يعيش وسط أجواء اللقاءات الاجتماعية والروابط الأسرية التي يشتهر بها هذا الشهر الفضيل.
طابع روحاني
وتقول الغيص: في شهر رمضان تختلف الأشياء مثلما تختلف الحياة وطبيعتها والسلوك فيها عند الفنان والمبدع، فقد يجد في هذا الشهر مصدر إلهام آخر يستثمره للإبداع، ولهذا نجد البعض من الكُتاب يقول: إن أغلب أعمالي ولدت في رمضان. وتتابع: يمتاز شهر رمضان بطابعه الروحاني الفريد، فهو بالنسبة لي فرصة ذهبية للإبداع في أجواء قلما تتكرر في باقي شهور السنة، ففيه فرصة رائعة لصفاء الذهن ونقاء الروح، حيث أقضي فيه الوقت بين التفرغ للعبادة والقراءة وزيارات خفيفة للأهل والأصدقاء، وممارسة التأمل الذي يؤدي بدوره إلى المزيد من تنشيط الحالة الذهنية، ثم الاستعداد للعملية الإبداعية بتهيئة المناخ الخاص بها.
وتضيف الدكتورة عائشة الغيص: تتجلى في هذا الشهر قيم المحبة والتسامح والتناغم الديني والروحي، وتصوم الجوارح كلها. وهو شهر البركة بالنسبة لي لما له من وقع خاص في الروح والنفس، حيث أستعيد الكثير من طقوسه منذ مرحلة الطفولة حتى الآن، لأقرأ بشغف الاختلاف والفارق في التعاطي مع هذا الشهر من جيل إلى جيل، والتغيرات التي طرأت في ذلك، لأقوم بتدوينها ونقلها نثراً أو من خلال مقالة.
عمق وصفاء
وتقول عائشة الغيص: لا شك أنني أعيد شحن طاقتي الروحية والفكرية عن معنى رمضان وفلسفته وما يحدثه من عمق وصفاء، لأقرأ وأكتب المزيد، ليكون الناتج حروفاً مقمرة يتجلى فيها الفكر نجوماً تتلألأ في سماء الأدب.
وتختلف ظروف الكتابة والإبداع في رمضان عن غيره في الشهور الأخرى، على الأقل بالنسبة لمواعيد القراءة والكتابة، فرمضان بالنسبة لي هو شهر المطالعة والقراءة، أما عن الطقوس المصاحبة، فالإلهام هو الذي يفرض نفسه ويحرض على الكتابة بلا موعد أو ترتيب مسبق، فتارة في ساعات النهار قبيل صلاة العصر أو بعدها أقوم في البحث الورقي والحاسوبي، لأعيد صياغة قصاصات ورقية قديمة في قوالب أدبية جديدة ومختلفة عما سبق.
وتابعت: أما الليل فيكون عادة مكتظاً بالأنشطة من إفطار وصلاة تراويح وزيارات ومجالس، فأستثمر منه ساعات محددة تتمثل في تخصيص ثلاثة أيام في الأسبوع أحددها لإنجاز مراجعة وتدقيق ما سبقت كتابته، أو لأنجز مقالات أو دراسات نقدية.
وعن جديدها تقول: وفقت والحمد لله في إنجاز بعض الدراسات الأدبية، وهي دراسات بكر، تتناول موضوعات سيكون لها حضور في معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2023. وتختم قائلة: يعد الفوز بجائزة «كنز الجيل» بدراسة الاستهلال في الشعر النبطي بالنسبة لي هو الفوز الأهم، فهذا الفوز يحمل تباشير إبداع جديد ولاسيما في مجال الشعر النبطي الذي أتذوقه، ويعد دافعاً للاستمرارية في إجراء دراسات أدبية وجمالية جديدة في الشعر النبطي. فما أحوجنا إلى مزيد من الدراسات الأكاديمية الأدبية وفق معايير البحث العلمي، وتسليط الضوء على هذا الكنز الحافل بالقيم والجمال.