دبي (الاتحاد)
نظم مركز جمال بن حويرب للدراسات، مؤخراً، أمسية رمضانية قدمها مدير مؤسسة سلطان العويس الثقافية عبدالإله عبد القادر، بحضور كوكبة من الأدباء والإعلاميين.
وقال عبدالقادر: إن حضور المبدعين يبقى ماثلاً في وجدان العالم أجمع، وتبقى سيرتهم ملهمة للأجيال. وهو ما ينطبق على الراحل الكبير الشاعر سلطان بن علي العويس الذي ارتبط اسمه في العالم العربي بالأدب والثقافة والأخلاق الحميدة، وها هي المحافل الثقافية بعد مضي 23 عاماً على رحيله، تعقد الأمسيات استذكاراً لابن الإمارات البار.
وكان سلطان بن علي العويس ولد في إحدى حارات بلدة الحيرة بإمارة الشارقة عام 1925 وفيها تلقى تعليمه الأولي، ثم انتقل إلى دبي، وفيها التقى بالعديد من وجوه الأدب وفاعليه.
ونشأ سلطان العويس في بيت علم وأدب نهل من معينهما، لأسرة عرفت بحبها للثقافة وإنجابها عدداً من الشعراء والباحثين والأدباء مثل شاعر الإمارات سالم بن علي العويس، والمؤرخ عمران العويس والأديب أحمد علي العويس، ما أهّله لأن يكون فيما بعد نموذجاً إنسانياً وعلامة بارزة في المشهد الثقافي كشاعر متميز من شعراء دولة الإمارات.
وقال المحاضر: «سلطان العويس ظاهرة حضارية، وكانت ثقافته موسوعية بدأت من مكتبة صغيرة، طورها بما يصله من مطبوعات عبر الرحلات البحرية، التي كانت تستغرق آنذاك أكثر من ستة أشهر، حيث تنطلق المطبوعات من القاهرة، مروراً بالأردن ثم إلى دمشق فبغداد والبصرة لتصل إلى دولة الإمارات عبر القوارب».
وأضاف: بدأ العويس كتابة الشعر منذ العام 1947، وأول قصيدة نشرت له كانت في العام 1970 من خلال مجلة «الورود» البيروتية. وسرعان ما انتشر شعره وذاع صيته على المستويين الخليجي والعربي، وعُرف سلطان شاعراً في كثيرٍ من الأوساط الأدبية المشهورة في كل من لبنان وسوريا ومصر، وجمعته علاقات صداقة مع كثير من الشعراء والأدباء المعروفين في العالم العربي، مشيراً إلى أن الراحل حمد بوشهاب جمع الديوان الأول للشاعر سلطان العويس، ليطبع في العام 1978، كما كان صديقاً للشاعر حسن البحيري الذي جمع ديواناً متكاملاً لأعمال العويس الشعرية.
وقال عبدالقادر: «لأن هذا الرجل كان وجهاً من وجوه الثقافة في دولة الإمارات، فقد كتب عنه 22 كاتباً، تناولوا سيرة حياته وشعره، وقد قام الدكتور غانم شهاب بترجمة بعض قصائد العويس إلى اللغة الإنجليزية».
وأكد أن سلطان العويس كان أديباً وشاعراً وإنساناً عظيماً، ولم يكتف بالمكانة الأدبية التي احتلها، بل أوقف جزءاً من أمواله وخصص ريعها لجائزة ثقافية تحمل اسمه، لتولد مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية (دار سلطان) التي صارت جائزتها السنوية للمبدعين واحدة من أهم الجوائز الأدبية والفكرية والعلمية على المستوى العربي، منذ انطلاقها في عام 1987.
ولفت إلى أن سلطان العويس رحل في العام 2000، مخلفاً إرثاً ثقافياً حضارياً ملهماً للأجيال ينهلون منه من دون ارتواء.
رائد نهضة
ارتبطت عائلة سلطان العويس بتجارة اللؤلؤ، فقد كان والده علي بن عبدالله العويس «طواشاً» مشهوراً، وعُرف بهذه التجارة ودرّت عليه أرباحاً طائلة، إلى أن كسد سوقها، وقد استفاد سلطان العويس من خلال ممارسته التجارة مع والده، واتسعت تجارته حسب تطور التجارة وظروف العصر وحالفه التوفيق في كثير من مجالاتها.
وإلى جانب تجارة اللؤلؤ، عمل بأعمال أخرى، وتنقل ما بين الهند والإمارات، حيث أكسبه هذا التنقل وممارسة التجارة خبرة واسعة.
وسلطان العويس رائد من رواد النهضة في الإمارات، النهضة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ولذلك لم يكن غريباً أن تكرمه الدولة لأنه من بناة هذه النهضة الشاملة، كما كرمته جامعة الدول العربية ضمن مهرجان تكريم المبدعين عام 1999. وقد قام بأعمال خيرية وإنسانية داخل دولة الإمارات وخارجها، وهو أحد مؤسسي غرفة تجارة وصناعة دبي، وعضو في مجلس إدارتها لدورات عدة، وترأس مجالس إدارة كبريات شركات مساهمة، وحمل عضوية الكثير منها، كما أسس عدداً من المدارس وبنى المساجد والمنازل، وساهم في تأسيس أول مصرف وطني في دبي وفيه أقام أول متحف للؤلؤ في العالم.