فاطمة عطفة (أبوظبي)
كان كتاب «أهازيج من تراث الإمارات» للباحث والكاتب جميع سالم الظنحاني موضوع الجلسة الثقافية التي نظمها أول أمس «نادي الكتاب بالإمارات» في فندق رامادا بدبي، وبحضور كل من رئيس النادي الشاعر ياسر دحي وبقية أعضاء النادي. وأدار جلسة الحوار مع الكاتب الشاعر سعيد الظنحاني.
وفي مستهل الجلسة، تحدث الكاتب د. محمود بكري مقدماً لمحة موجزة عن الكتاب قائلاً: إن الكتاب يناقش اليوم واحداً من أهم فروع الثقافة نظراً لأهمية التراث الشفاهي وضرورة جمعه، هذا التراث الذي يمتد في جذور ثقافة الشعوب، وتتناقله الأجيال، ويعتمد الحفاظ عليه على قوة الذاكرة، لأن هذه الثقافة الشفاهية واكبت منذ القدم حياة الإنسان في صورها البسيطة، ولذلك كان من المهم أن يصدر هذا الكتاب لينقل من الذاكرة الشعبية لمحة من هذا التراث الشعبي مركّزاً على «الأهزوجة» وتنوعها بين البيئة الزراعية، والبحرية، والصحراوية، وهذه الثقافة الشعبية تستحق منا حمايتها.
أهمية «الأهزوجة»
وبدوره شرح الشاعر سعيد الظنحاني أهمية «الأهزوجة» ومعانيها فوصفها بأنها نشيد شعبي في لغة العامة من الناس، ينشدها القرويون في مناسبات كثيرة، وأوضح أن أهمية الكتاب تكمن في أن القارئ يشعر بدوحة غناء وهو يتنقل من زهرة لأخرى، شارحاً بعض الأبيات بلغة جميلة، وكأنه جسر يصل بين مفردات هذا التراث الشعبي العريق. وأضاف الظنحاني أن الأهازيج جاءت في سبعة عشر موضوعا،ً ومنها أهازيج: اليازرة، الزراعة، القهوة، الرعي وورد البهائم، الساقا، الزفاف، أهازيج المسحراتي. وشرح معاني بعض هذه الأهازيج أن اليازرة أو الزايرة هي طريقة بدائية لعملية السقاية، فالمزارع أو «البيدار» هو الذي يزير أي يقوم بعملية السقاية بطريقة جرر الثور باليازرة أو الزايرة، كما هو دارج في بعض مناطق الساحل الشرقي، وهي أداة تستخدم للري من البئر، حيث يردد المزارع هذه الأهازيج ليخفف عن نفسه المشقة والتعب، لأن عملية السقاية تحتاج وقتاً طويلاً وجهداً شديداً، ولذا يتناغم صوت البيدار مع صوت دوران «المنيور» المصنوع من الخشب، والثور يطرب لهما ويجر بقوة، ويسمع صوته أهل المنطقة فيعرفون من الذي يقوم بعملية الري من صوت المنيور. وأوضح الظنحاني أن سيمفونية الزايرة مثل العزف على الربابة وخاصة في الليالي المقمرة مع هبوب نفحات رياح ندية وأرض خصبة.
وبدوره أكد الكاتب جميع سالم الظنحاني أن الأهازيج متعارف عليها وشائعة عند شعوب العالم أجمع، فهي أبيات شعرية تأتي على وتيرة واحدة أعدها رجل أو امرأة وتناقلتها الأجيال.
أسلوب حياة
وأضاف الكاتب الظنحاني أن الأهازيج كانت أسلوب حياة في الماضي اعتاد عليها أهل البحر، وأهل الزراعة والجبال، وأهل البداوة، وجميع البيئات لها أهازيج متميزة بمفردات البيئة الخاصة بها، لافتاً إلى أن موضوع الأهازيج له تجليات وشجون ويرمز للتكيف والتناغم والتعايش مع بيئة هذه المفردات التي تدون التاريخ والموروث الشعبي، وهي تحفظ بعض العادات والتقاليد والمناسبات التي تؤدى فيها الأهزوجة، سواء كانت من نشاط حركي أو ذهني. وهذا الموضوع كله عبارة عن منظومة صحية تخرج من الفكر والذات وبحرفية فنية في الأداء، سواء كان صاحبها بحاراً أو عاملاً أو بيداراً (فلاحاً) أو بدوياً في الصحراء يترنم بهذه الأهازيج ويتكيف معها ومع ظروف الحياة الشاقة. والأهزوجة توثق طبيعة المكان والعمل والمنطقة. وقال الكاتب سالم الظنحاني إن الأبيات الشعرية التي يترنم بها المزارع باليازرة تصدر بشكل تلقائي حسب الرغبة وحسب ما يحفظه في ذاكرته ليعبر عن شجونه ويبوح بمكنونه من المشاعر، فالكتاب يعيدنا إلى ماض نحتاجه في ذاكرتنا الثقافية مهما بلغنا من التقدم.