فاطمة عطفة (أبوظبي)
كانت مجموعة القصص الواقعية «آخر الشهود» تأليف سفيتلانا أليكسييفيتش وترجمة د. عبد الله حبه موضوع جلسة نقاش في مؤسسة «بحر الثقافة» بحضور الشيخة شيخة بنت محمد بن خالد آل نهيان وعضوات المؤسسة، ومشاركة موظفين من المركز الوطني للتأهيل، وأدارت جلسة الحوار الروائية آن الصافي، قائلة: هذا عمل أدبي متفرد في تقنيته بحيث يروي شهادات أطفال عن الحرب بتعدد الأصوات، وهي آلية أجادت الكاتبة استخدامها مما أهلها لنيل جائزة نوبلفي الآداب، والقصص منقولة بحس إنساني عالٍ وبشكل مشهدي، ذكريات ترسخت في أذهان أطفال عاصروا بداية حرب في وطنهم.
وقدمت الإعلامية مليكة أحمد قراءة للرواية قائلة: أصوات وشهادات ولدت من رحم المعاناة، وظهرت من باطن الأنقاض لتروي لنا وقائع كدت أتصور أنني عشت الألم نفسه وشعرت كم هو وجه الحرب قبيح، مشاهد أطفال لم يكن يشعر بهم أحد، لم يعرفوا ما معنى أن يكون لهم أم أو أب، ولم يعرفوا معنى للعائلة!وجاء في مداخلة الروائية مريم الغفلي أن الرواية تحكي ويلات الحروب التي لا تجد من يكتبها، وهذه الرواية مخطوط نادر ولكن أحداثها تتكرر في مختلف الصراعات. وهي شهادات تروي أكثر من حكاية على لسان شخوص من أماكن عدة، وفيها الألم والعاطفة والعبر على ألسنة شخوص عدة، في بئية متنوعة حيث الثلج والبرد وشح الطعام والغابات والحيوانات التي لم تسلم من بطش الإنسان.
وأجمعت المداخلات على أنها رواية إنسانية مؤثرة تضم شهادات أطفال تتراوح أعمارهم بين عامين و15 عاماً، والقصص جميعها من ذكريات الحرب العالمية الثانية في أوروبا الشرقية، وهي تؤكد على وحشية الحروب وتدين أهوالها، وتبين أن الأطفال والأمهات وغيرهم من الأبرياء العزل هم أول ضحاياها. ويبدو أن ويلات الحروب وأهوالها تبدأ ولا تكاد تنتهي لما فيها من جوع وخوف ومرض وبحث دائم عن ملجأ فيه حد أدنى من الأمان والأمل.
وضمت المجموعة 100 قصة أو أكثر قليلاً. ولكل قصة عنوان، وتحته اسم الطفل وعمره عند بداية الحرب، ثم عمله الحالي. والكاتبة حريصة على التقاط أول ذكريات الحرب وأقساها، وبعضها سجلتها في صفحة أو صفحتين، وبعضها الآخر في عدة صفحات. ويبدو إبداع الكاتبة ومهارتها بشكل واضح ومتميز في جمال اللغة وسلاسة التعبير والحس الإنساني العميق في وصف مختلف الحالات. وجاء في الصفحة الأولى أن ملايين الأطفال قتلوا في الحرب العالمية الثانية.. وكان دوستوفسكي يتساءل: هل هناك أي مبرر لأي ثورة أو أي حرب إذا ما ذُرفت دمعة صغيرة واحدة لطفل بريء؟