محمد عبدالسميع (الشارقة)

الطبع السلبي الذي يأبى أن يتغيّر، تضمّنته مسرحيّة «سلام يا سلامة»، التي قدّمتها فرقة مسرح دبي الأهلي في ثاني عروض أيّام الشارقة المسرحيّة الثانية والثلاثين. والمسرحيّة من تأليف ناجي الحاي وإخراج عمر غباش، وتمثيل سالم التميمي والفنانة عذاري، كشخصيّتين لزوج وزوجة دارت حولهما أحداث الحكاية، في رسالة مؤلمة لعرض اعتمد المقابلة بين حالتين، هما: الوفاء والجحود في حياة الإنسان.
على مستوى الحكاية، تناول العرض قصّة زوجين انفصلا مدّة 15 عاماً، من دون طلاق، بما في هذه الفترة من محطّات للقاء والتصالح، على رغم وجود اختلافات واضحة بين شخصيّة الزوجة المحبّة والصابرة والمتمسّكة بالتقاليد والواجب، والزوج الذي استمرأ نظريات السوق والتجارة ومقاييس الربح، كمعايير امتدّت إلى حيث بيت الزوجيّة والعلاقة القائمة بين طرفين؛ حيث يخسر الزوج ابنه من زوجته الثانية بحادث مروري تحت تأثير المؤثرات العقلية، وحالة جمع المال المهيمنة على الأب والأم، ليدخل الزوج في حالة نفسيّة مصاباً بشلل نصفي، فيعود إلى زوجته الأولى الوفيّة التي تقف معه وتسانده، على رغم كلّ هذا الغياب الطويل، ولكنّه لا يلبث أن يتخلّى عنها وفق قاعدة المصالح التي جعلته يتزوج من فتاة طمعاً في والدها المستثمر، إذ تنتهي المسرحيّة بعبارة «سلام يا سلامة!».

حلول إخراجية
استطاع بطلا العمل التميمي وعذاري أن يجسّدا الحالة قيد المسرح، في مشاهد حواريّة وصلت إلى خمس وثلاثين دقيقة، باستخدام موسيقى تصويرية، ضمن حوارات وثبات واضح للديكور والمكان. كما كانت سينوغرافيا العمل لطيفةً وهادئةً وتناغم فيها النصّ مع الأداء التمثيلي، بحلول إخراجيّة مناسبة، وأداء قوي أسهم في إنجاح العرض.
وفي نهاية العرض، رأى عدد من الحضور أنّ المسرحيّة استطاعت أن تستنطق إحساساً داخليّاً حول نزعات النفس البشريّة ومقابلة التضحية والوفاء بالغدر واللامبالاة، وهو ما يشير إلى أنّ الأفكار الاجتماعية مطلوبة دائماً لمعالجات مسرحيّة تستلهمنا، خصوصاً في متغيرات جديدة قد تطرأ على سطح العلاقة الزوجيّة، حين يعود الزوج إلى زوجته الأولى، وبمجرّد وقت قليل يكون قد ارتبط بأخرى طمعاً في المال وبحثاً عنه. وفي العمل، كان الزوج مرآةً لهموم كثيرة، وصوتاً لنظريات العولمة، فيما الزوجة الأولى كانت تمثّل دور المرأة الصابرة ذات القلب الطيّب، كلوحات من واقع عصرنا الذي نعيش.