محمد عبدالسميع (الشارقة)

ضمن عروض مهرجان الشارقة الرابع للمسرح الخليجي، عرضت المسرحية الكويتية «عنقود العنب»، التي سلّطت الضوء على موضوع استغلال البشر، كظاهرة عالجها المخرج عبدالله القلاف وفريقه المسرحي: أوس الشطي، إبراهيم الشيخلي، حنان المهدي، حسين علي، مريم الحلو، بدر البكر، جميلة القلاف (تمثيل)، ومن تأليف د. نادية القناعي، وذلك بالتركيز على موضوعات فرعية انبثقت من الموضوع الرئيسي، فيما اتجهت الرؤية الإخراجيّة إلى الأسلوب الكوميدي الساخر الحواري لتوصيل ثيمة العمل وفكرته إلى الجمهور.
اشتغل المخرج على السينوغرافيا، وطرح التساؤلات الذاتيّة بطريقة الحوار الذاتي بين الشخصيّة ونفسها، لبثّ الهموم وتفريغ مراحل المساءلة الذاتية، حيث كانت الأفكار تروح وتجيء في ظلّ وقوف الممثل على ركام العمر وحيرته، ويزداد الأمر تعقيداً حين يكون بلا زوجة ولا أولاد، كمدخل من مداخل التأثير على المتلقي، بإمضاء الفنان القلاف ومصمم الديكور فيصل العبيد ومصمم الإضاءة هاني عبدالصمد.

استجابة نفسية
في التجسيد اعتمد القلاف كرسيين، أحدهما متحرك والآخر ثابت، لتعميق التواصل والتأثير، يدعم ذلك كله أعمال التصميم والأزياء والإضاءة والتعبير النفسي عن دواخل ومكنون شخصيات العمل.
واستطاع فرق العمل أن يقدّم عبر العرض طاقة مسرحية واضحة تناسبت مع الشروط الفنيّة في انسجام واضح ما بين السينوغرافيا والإضاءة والموسيقى المصاحبة، لتجسيد الأفكار، في عمل اعتمد أيضاً على استعراض راقص صاحبته موسيقى هادئة، أمّا عنوان المسرحيّة «عنقود العنب»، فقد لاقى صدى طيّباً عند الجمهور، للعلاقة الوثيقة التي يحملها الحضور على اختلاف مستوياتهم الثقافية والتخصصية، في ربطهم بين العنب كمحصّلة للتعب المبذول كما هو دارج في أمثالنا الشعبيّة والمحمول النفسي للشخصيات، هذا إضافة إلى ما يحمله العنوان كعتبة للنص أصلاً.

دور الموسيقى
طيلة العرض، كانت الموسيقى تلعب دوراً منسجماً، كموسيقى حيّة، كشفت عن ائتلاف الفريق المسرحي على قلب مسرحي واحد ينفعل مع العمل، ويقدّم تفاصيله بالروح المتصوّرة وفق رؤية المخرج وتشاركيّته مع طاقم المسرحيّة. كما لاقت تقنية الكرسيين المتحرك والثابت استجابة نفسيّة لدى المتلقي في ارتدادات المعنى لكلٍّ منهما، وتأثيرهما على الوجدان الجمعي في المجتمعات، من خلال إسقاطات الثابت والمتحرك في حياة الحضور، بما حمله ذلك من جمود وتصنّم إنساني أو انطلاق وحريّة نحو بلوغ آفاق جديدة، ربما تحددها في حياتنا الكثير من المعوقات المعنوية، في الربط الرائع بين المادي والمعنوي في الإحالات الذهنية والتفسير المبني على ذلك في تفاصيل العمل.