دبي (الاتحاد)

نظمت ندوة الثقافة والعلوم ندوة بعنوان «واقع الحركة الأدبية في الإمارات»، بحضور معالي محمد المر رئيس مجلس أمناء مكتبة محمد بن راشد، وبلال البدور رئيس مجلس إدارة الندوة، وعلي عبيد الهاملي نائب الرئيس، ود. صلاح القاسم وجمال الخياط، والمهندس رشاد بوخش، وعلي الشريف أعضاء مجلس الإدارة، ود. رفيعة غباش، ود. محمد غباش، ود. عبدالخالق عبدالله، والموسيقار إبراهيم جمعة، ونخبة من المهتمين.
أدارت الندوة الكاتبة عائشة سلطان، حيث أشارت إلى عمق وضخامة التحولات التي مرت بها دبي والإمارات وحركة الثقافة والأدب، مستذكرة عام 1987 العام الذي أشهرت فيه الندوة كواحدة من مؤسسات العمل الأهلي، بفضل وقوف رعيل من مثقفي دبي في تلك الفترة، منهم معالي محمد المر وبلال البدور.
وأكدت دور صانع القرار السياسي وتشجيعه ودعمه للثقافة كرافعة أساسية في نهضة الدولة وتقدمها، وهذا ما قدمه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وكان يوم تأسيس الندوة رئيساً للأمن العام، وقد تقدم إلى سموه نخبة من المثقفين بمشروع تأسيس ندوة الثقافة والعلوم، وبادر على الفور بالدعم والتوجيه، وانطلقت الندوة من مجرد فكرة إلى مشروع، ثم إلى نشاط مكثف في مقرها الصغير في شارع الرقة، حتى انتقلت إلى صرح كبير يناقش واقع الحركة الأدبية ومنعطفاتها وإنجازاتها وما بها من قصور وظواهر تؤثر سلباً فيها.
وناقشت عائشة سلطان تقييم واقع الحركة الأدبية في الإمارات اليوم مقارنة بالبدايات من حيث جودة ما ينتج وكميته وتفاعل الجمهور معه، وآليات ومنابر الانتشار والتواجد والترويج للأديب والأدب الإماراتي في الخارج، ودور الصحافة الثقافية ومساهمتها في اكتشاف المواهب ومواكبة الحركة والساحة الأدبية.
وتساءلت: هل ما زال الأدب يحظى بنفس الجاذبية والاهتمام لدى شباب الإمارات كما كان لدى الأجيال الأولى، خاصة في ظل مشاريع ثقافية وميزانيات ضخمة وقرارات ودعم لم يكن متوافراً في البدايات، أم أن الأمر له علاقة بالأولويات والتحديات التي تواجهها المجتمعات ويعتبر الأدب أحد وسائل التصدي لتلك التحديات؟
وتطرقت إلى دور الناقد في تنامي وصعود الحركة الأدبية، ولماذا تكاد تنعدم حركة وصوت النقد والنقاد في مجتمع الإمارات، وهل لذلك علاقة ماسة بانتشار وتواجد الأديب الإماراتي في فضاءات ثقافية خارج الإمارات؟
وأضافت عائشة سلطان: هناك عدد كبير من المؤسسات الثقافية والجوائز الأدبية ومعارض الكتب والمكتبات والفعاليات والمهرجانات الأدبية والمبادرات، هل ما يحدث من نشاط ومبادرات في هذا الفضاء المؤسساتي الثقافي ينعكس فعلاً وبشكل مرضٍ ويقود للنتيجة المأمولة بالنسبة لمجمل الواقع الأدبي؟

الواقع والبدايات
وعن واقع الحركة الأدبية في الإمارات اليوم مقارنة بالبدايات، ذكرت د. بديعة الهاشمي أستاذ اللغة العربية وآدابها بجامعة الشارقة، أنها تتوقع الأفضل دائماً، وهناك سعي لتحقيق الأفضل.
وعن واقع الحركة الأدبية في الإمارات اليوم مقارنة بالبدايات، ذكرت د. بديعة الهاشمي أستاذ اللغة العربية وآدابها بجامعة الشارقة، أنها تتوقع الأفضل دائماً، وهناك سعي لتحقيق الأفضل.
وعن تراجع النقد في الحياة الأدبية، أكدت د. بديعة أن هناك أنواعاً من النقد، منها النقد الصحفي السريع، والذي لا يواكب كل ما يكتب، والنقد الأكاديمي المتخصص الذي يحتاج لتمهل ودراسة واستقصاء، ويأخذ النقد الأكاديمي منحيين، مصدر كتب في حينه وزمنه، ومصدر حالي معاصر، وإذا نظرنا لكلا المصدرين، نجد أننا حالياً أمام زخم واهتمام من الباحثين تجاه الأدب الإماراتي والخليجي، ولكن حينما يذهب الباحث يشكو عدم توافر مصادر، باعتبار أن ما كتب في هذا الاتجاه يعتبر قليلاً بعض الشيء؛ لذلك تشجع غالبية الأقسام المتخصصة في الأدب العربي طلابها وباحثيها على الاتجاه نحو بحث ودراسة الأدب المحلي والخليجي بشكل عام، وهناك اهتمام بالنقد الأكاديمي بشكل عام. وتحاول الجامعة طرح بعض المسابقات التي تكشف المواهب والإبداعات الأدبية لدعمها ورعايتها.

المشهد الأدبي
أكد سلطان العميمي رئيس مجلس إدارة اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، ومدير أكاديمية الشعر في أبوظبي، أن الحكم على المشهد الأدبي يتطلب الاطلاع على كل ما ينشر ويكتب إلا أن هناك مستوى فردياً جيداً ومبشراً، وهناك أعمال بحاجة إلى مزيد من التطوير.
وذكر العميمي أن اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات مر بمراحل شد وجذب ساهمت في تقليص عطائه بعض الشيء، إلا أنه يسعى لدعم المشهد الأدبي في الإمارات وجذب الكاتب المحلي ونشر الأعمال الأدبية، ومحاولة خلق علاقة أدبية، وإيجاد مفهوم حقيقي للعطاء والتطوع في العمل الثقافي مع الكثير من الشباب والكتّاب.
وأشار إبراهيم الهاشمي، المدير التنفيذي لمؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، إلى أن مرحلة الثمانينيات من القرن الماضي شهدت حركة ثقافية، ومشهداً أدبياً مميزاً من حيث الكتّاب والإصدارات، سواء الكتب أو المجلات الأدبية المتخصصة والأندية الثقافية والرياضية وغيرها الكثير، أما الوقت الحالي فهناك تراجع في الحركة الأدبية، ورغم أن هناك إنتاجاً غزيراً إلى حد ما، ولكن لا يوجد حضور أدبي حقيقي للكاتب الإماراتي في المحافل الدولية.
وأضاف الهاشمي أن هناك شغفاً ثقافياً لدى شباب اليوم إلا أن آليات التعامل مع الجانب الثقافي والمعطيات تغيرت عن الجيل السابق الذي كان شغوفاً بحب ورغبة في المعرفة وسعي للثقافة.
ورأى الهاشمي أن التعامل مع الجانب الثقافي لم يعد أولوية، فهناك جذب للثقافة من العالم الخارجي دون صنع نجم أو مثقف إماراتي، على الرغم من وجود طاقات أدبية شابة، وهذا ما نراه في معرض الكتاب من إقبال الشباب، وأضاف أن الإعلام الثقافي متغيب بعض الشيء عن رعاية ودعم الجيل الحالي من الشباب رغم كثافة ما ينشر من روايات وأعمال أدبية، المثقف الإماراتي بحاجة إلى معطيات تدعم ظهوره وانتشاره سواء من الإعلام أو المؤسسات الثقافية.

ترقب ورصد
من جانبه، أعرب الشاعر أحمد العسم رئيس اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات في رأس الخيمة عن رضاه عن المشهد الأدبي الحالي، وفي الوقت نفسه هناك ترقب ورصد لهذا المشهد.
وأكد العسم على تجاوب جهور الشعر مع الشاعر سواء كان شعراً عامياً أو فصيحاً؛ لأن الشاعر يتجه في كتاباته إلى ضمير الجمهور ليكسب تفاعله، ويرى أن الشعر يستطيع أن يكون عابراً للأشخاص من خلال رسالته الخاصة، التي يتفاعل بها مع جمهوره، وأضاف أن دور النشر المحلية تسعى دائماً لنشر الشعر الإماراتي، كما يوجد تعاون مع دور النشر العربية، وهذا ما يحقق انتشار للشاعر، لأنه يمس روح جمهوره وتوقه إلى الكلمة التي تتغلغل في أعماقه سواء كان شعراً فصيحاً أو نبطياً.
وأشار العسم إلى أن الكاتب الإماراتي، خاصة من الرعيل الأول، بحاجة إلى الاهتمام به، وتشجيع عطائه، وجمع أعماله، وهو ما زال بيننا وليس بعد وفاته، وأن يستفاد من خبرته وأدبه من قبل الجيل الجديد. ذكرت د. رفيعة غباش أن الإمارات في أوج أنشطتها الثقافية من حيث الكم، وأن هناك إصدارات كثيرة، ولكن المتغير اختفاء طعم المحلية في المنتج الثقافي.
وختم معالي محمد المر بأن هناك خلطاً ما بين النشاط الثقافي، وهو موضوع واسع تشترك فيه مؤسسات كثيرة، والحركة الأدبية التي تتضمن شعراً وقصة قصيرة ورواية ومسرحاً ونقداً أو تاريخ أدبي، وبالتركيز على هذه المكونات سنجد الأطر التي يكتب من خلالها النتاج الأدبي سواء من خلال النشر الصحفي أو دور النشر أو الاهتمام الأكاديمي أو الترويج من خلال الجوائز والفعاليات.
وأكد أن الأدب يمر بمراحل مختلفة تتنوع حسب تلك المرحلة، فالسبعينيات وبداياتها تختلف عن الثمانينيات وزخمها وشغفها، والحراك العربي بشكل عام، لذلك من المهم دراسة كل نوع أدبي ونقف على مراحل تطوره والنظرة المستقبلية له.