فاطمة عطفة (أبوظبي)

جاء موسم المطر غزيراً مباركاً في الإمارات هذا العام، والناس يستبشرون خيراً بقدومه، حيث تكتسي الأرض كساء أخضر، ويتجدد جمال الطبيعة، وتكثر الطيور المهاجرة. ولقد تغنى شعراء التراث العربي بالربيع، واعتبروه نتيجة لموسم المطر وثمرة طيبة من ثمار الشتاء. ونعمة المطر تمنح الناس الأمل بمزيد من الخير الذي يعم الحياة في البادية والحضر. ويحتفي التراث الشعبي في الإمارات بالمطر، حيث يقدم الباحث جميع سالم الظنحاني دراسة أدبية واسعة حول المطر وأهميته في حياة الناس وآدابهم وأغانيهم وأمثالهم في كتابه «المطر في الموروث الشعبي الإماراتي».
يهدي الباحث كتابه إلى والده، مشيراً إلى أنه كان «يرفع كفيه للدعاء كي يغيثنا الله تبارك وتعالى». وفي مستهل الكتاب، يقدم الدكتور حمد بن صراي كلمة تمهيدية يقول فيها: «تعد أحاديث المطر وذكرياته من أمتع الأحاديث وأجمل الذكريات، نظراً لقرب الغيث من القلوب، وكون الماء المطهّر مهوى الأفئدة، ونظراً لشوق الأهالي لصوت قطرات المطر وهي تتساقط على الأرض». 
ويعود الكاتب الظنحاني بذاكرته إلى ما كانت ترويه والدته عن الأمطار وقوة هطولها، وكيف كانت تجري في وديان الجبال المحيطة بدبا الفجيرة وضواحيها. ويصور الباحث فرحة الأهالي بالمطر، حيث كانوا يخرجون للعمل بتوجيه المجاري نحو حقولهم، لافتاً إلى أهمية التعاون بين الناس، خاصة في تلافي خطر السيول.
 ومن الترانيم الشعبية الجميلة في هذا الموسم المبارك، يقتبس الكاتب هذا المقطع: «يُودي يُودي يا سنيّات الخصب عودي، يودي يودي بالبوارق والرعودي». ويضيف أن من المتعارف عليه بين الناس في المنطقة إذا شاهدوا البرق من جهة الشرق فهو بشرى بنزول بركات السماء، يفرحون ويرددون هذه الأهزوجة: «يا حبيب لا تفارق- لاح بارق وشارق- ويا حبيب لا تفارق- لين تخضر العشارق».
 ويتضمن الفصل الثاني باقة من الأقوال والأمثال في الظواهر الجوية حسب الأنواء، يقولون: «من طلع سهيل لا تأمن السيل». وعندما تتلبد السماء بالغيوم، يفرح الناس ويستبشرون بهطول المطر قائلين: «تعفي وتظلم تفرّج الضّيق والهم». وكلما ازدادت الغيوم كثافة استبشر الناس بالغيث والرحمة من رب العالمين، ويرددون: «الغيم يحوم والرب رحوم». وفي هذا الموسم الكريم، يتجدد الأمل ويتفاءل الناس بالخير العميم: «قطرة على قطرة تسوي غدير».
ولهذا الموسم ثقافته ومصطلحاته المحلية المتعلقة بالأجواء والسحب والرياح. ومن أنواع السحب: «المخيلة» وهي الغيوم الركامية المنخفضة. والرهام، وهي المنخفضة جداً حتى تلامس رؤوس الجبال. والمزن وهي الغيوم الركامية، والردم وهي الركامية الثقيلة، والهمايل المطر المنهمر. وهناك أسماء أخرى عديدة يتوارثها الأبناء عن الآباء.