محمد عبد السميع (الشارقة)

عرضت في اليوم الثاني من أيام مهرجان الإمارات لمسرح الطفل في دورته السادسة عشرة، مسرحية «بحيرة السلام»، من تأليف الشيخة سارة بنت محمد بن ماجد القاسمي، وإخراج الفنان عبدالله الحريبي، وإنتاج مسرح رأس الخيمة الوطني، وقد دارت حكايتها حول مجموعة ضفادع تعيش بأمان وهدوء وسلام في بحيرتها، حتى يحدث ما لم يكن في الحسبان، بأن تعثر إحدى الضفادع على كتاب أساطير الضفادع القديم الذي حذر «بابا سلام» حكيم الضفادع منه، باعتبار أنه كتاب يحتوي على خلطة سحرية تزيد من نمو النباتات. وقسموا الكتاب إلى قسمين، ووضعوا كل قسم في مكان، كي لا تصل إليه يد الأشرار، باعتبار أن الكتاب إذا قرئ قسم واحد منه فقط سيجر الويلات على المكان؛ ولذلك يجب أن يبقى مغلقاً، وفي مكان بعيد عن متناول الأيدي. غير أن الضفدعة «نونا» وبدافع الفضول تقع في المحظور، فتعثر على الكتاب وتقرؤه، لتتحول البحيرة إلى أرض يابسة جف فيها الماء وتيبّس الزرع، فتبدأ رحلة الضفادع في البحث عن القسم الآخر من الكتاب لإعادة البحيرة إلى ما كانت عليه من جمال.
وفي المقابل، توجد شخصية زعيم الضفادع الشريرة الذي هو بدوره أيضاً يريد الحصول على الكتاب لتنفيذ خططه ومآربه، ويكون له ما يريد حينما يسرق الكتاب من تلك الضفدعة التي ندمت على فعلتها لاحقاً، وساهمت رفقة زملائها في إعادة الكتاب إلى مكانه، والتغلب على الأشرار.
وقد حمل العرض العديد من الرسائل المهمة الموجهة لجمهور الأطفال، من حيث الحث على المحبة، والتعاون ما بين أفراد البيئة الواحدة لدرء الأشرار، وكذلك أكد العمل على ضرورة التزام الأطفال بتوجيهات ذويهم كي لا يأخذهم الفضول إلى ما لا تحمد عقباه، وتأكيد على أن الخير مهما تأخر إلا أنه دائماً هو المنتصر في النهاية.
وتمكن العرض بداية من النص الجيد، المبني على فكرة متميزة، من الوصول إلى الأطفال وخلق حالة من التفاعل بين الخشبة والصالة، من حيث الشكل البصري الذي اختاره المخرج للعرض، من خلال بناء بيئة ضفادع مبهرة، والتي جذبت الأطفال وحركت مخيلاتهم. وكذلك تميز بأداء الممثلين المتناغم والمنضبط، حيث تمكنت ريم الفيصل وسارة السعدي وعهود الجسمي، ومحمد أنور ومحمد عبده، وصالح محمد، وعدنان البلوشي، ومحمد السيايدة، ومنار الدين، وعبدالله أنور، وعلي فيصل، وياسر أنور، من رفع جاذبية ومشهدية العرض. وكذلك، أسهمت الموسيقى لعلي الزعابي، والإضاءة لوليد التميمي، والديكور لعبدالرحمن الكاس، والأزياء لميلانا رسول، في إيصال خطاب النص، عبر منظر مسرحي، كان جزءاً لا يتجزأ من بنية العرض، باعتبار أنه فن قائم بذاته يعيش ويوجد غير منفصل عن بقية أجزاء العرض المسرحي.

لقاء مفتوح مع صابر رجب
قبيل عرض مسرحية «بحيرة السلام»، شهدت قاعة الندوات بقصر الثقافة بالشارقة، إقامة لقاء مفتوح مع شخصية المهرجان، الفنان الإماراتي صابر رجب، وأدار اللقاء الفنان خالد البناي، منطلقاً من سرد أهم المحطات المسرحية في تاريخ صابر المسرحي، وأهم الجوائز التي نالها خلال مسيرته المسرحية المضيئة. أما صابر، فقد تقدم بالشكر إلى القائمين على المهرجان لاختياره شخصية التكريم لهذا العام، ثم تحدث عن تجربته المسرحية وأهم الشخصيات التي وقفت إلى جانبه خلال مراحل التأسيس والتكوين المسرحي التي تحدث عنها خلال اللقاء، وكذلك تحدث عن المهرجان في دوراته المتعددة وأثره الواضح والكبير في تطوير مسرح الطفل في الإمارات. وبعد ذلك، تحدث الحضور عن عطاء صابر رجب في المسرح بشكل عام، وفي مسرح الطفل على وجه الخصوص، وما تركه من أثر طيب في نفوس الجمهور، وعن عروضه المسرحية المهمة التي لا تزال حية في ذاكرة جمهـور المسرح الإماراتي.