الشارقة (الاتحاد)

استضاف النادي الثقافي العربي في الشارقة مساء أمس الأول الدكتور غانم السامرائي في محاضرة بعنوان «جائزة مان بوكر بين المركزية الغربية وريادة الاتجاهات السردية المعاصرة»، وأدار الجلسة الإعلامي محمد ولد محمد سالم الذي أشار إلى أن جائزة مان بوكر هي جائزة بريطانية دولية غير ربحية خاصة بالرواية، تُسند سنوياً لرواية مترجمة إلى اللغة الإنجليزية، وقيمتها خمسون ألف جنيه إسترليني، تمنح مناصفة بين الكاتب والمترجم.
وعن د. غانم السامرائي، قال ولد محمد سالم إنه أستاذ الأدب المقارن واللغة الإنجليزية في جامعة الشارقة، وهو حاصل على دكتوراه من جامعة بورتسموث في بريطانيا، وله دراسات في مجالات الأدب المقارن والدراسات السردية، وهو محكم دولي في مجال الرواية، وله حضور على الساحة الثقافية الإماراتية عبر العديد من المشاركات والمحاضرات.
واستهل د. غانم السامرائي محاضرته قائلاً: «تلعب جائزة المان بوكر البريطانية دوراً كبيراً في تطوير الرواية العالمية من حيث الأسلوب والمفاهيم والتقنيات السردية، ولكنها استندت في مراحل من نشاطاتها إلى رؤيةٍ قائمة على المركزية الغربية وافتراض موقع هامشي للآخر، بيد أن الأعوام القليلة الماضية شهدت اختراقات وازنة من طرف ذلك الآخر بالاستناد إلى أعمال روائية متميزة أبدعها كُتّاب من آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية والكاريبي».
وقدم المحاضر لمحة تعريفية عن الجائزة قائلاً: إن هناك جائزة بوكر ماكونيل التي ظهرت عام 1969، وكانت ترعاها مؤسسة بوكر ماكونيل، وكانت تُمنح لأفضل رواية كتبها مواطن من المملكة المتحدة أو من دول الكومنولث أو من جمهورية إيرلندا، وابتداء من 2002 ظهرت «جائزة مان بوكر العالمية»، وتُمنح الجائزة سنوياً لعمل واحد مترجم إلى الإنجليزية ومنشور في بريطانيا أو إيرلندا، ويتقاسم المؤلف الأصلي والمترجم القيمة المالية للجائزة وقدرها 50 ألف جنيه إسترليني. والجائزة لها تأثير على الكاتب الذي يفوز بها، سواء كان ذلك معنوياً مما يتبعها من ترجمات وشهرة عالمية، أو مادياً بقيمة الجائزة وانعكاسها على مبيعات الكتب. ويتم اختيار أعضاء لجنة تحكيم الجائزة من بين نخبة من النقّاد والكتّاب والأكاديميين، على أن يتم استبدالهم كلَّ عام للحفاظ على مصداقية الجائزة ومستواها. وعلى غرار «بوكر»، أنشئت جوائز عالمية عدة للرواية، مثل، جائزة بوكر الروسية التي انطلقت عام 1992، وجائزة كاين للأدب الأفريقي عام 2000، وفي أبريل 2007 تم إطلاق الجائزة العالمية للرواية العربية، بالشراكة بين «مؤسسة بوكر» و«هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة» و«معهد وايدنفيلد للحوار الاستراتيجي». 

أجنحة الإبداع جسور تواصل
وعن هيمنة المفاهيم الثقافية النقدية الغربية في اختيار الأعمال، قال المحاضر إن جائزة مان بوكر لم تستطع أحياناً أن تتجرد كلياً من بعض تلك المفاهيم، وإن المركزية الغربية قد يكون لها أحياناً حضور في معايير الاختيار، وهي ناشئة من إرث كولونيالي يعتبر أحياناً أن كل ما ليس غربياً قد لا يصل إلى الإبداع المطلوب! وعدّد المحاضر في هذا المقام بعض الأمور، منطلقاً من الجانب التاريخي الذي يحيلنا إلى مناقشات معمقة لمجابهة بعض التحيزات الغربية، ولكن هذه النظرة يمكن دحضها من جوانب عدة، انطلاقاً من حقائق التاريخ الموضوعية، وكون النصوص الإبداعية أياً كان منشؤها ومنطلقها قادرة على السفر عبر الزمن وعبر الحدود الجغرافية والثقافية، وأنْ تدخل على الآخر، أياً كان هذا الآخر، على أجنحة الإبداع، ولذلك فمن حق الآخر المبدع غير الغربي، أن يبدع وأن تعطى له قيمة إبداعه ويعترف به، وأن لا يحكم على أدبه بمنطق نقدي وثقافي غربي ضيق.
وتابع السامرائي قائلاً إن هذه الحقيقة الموضوعية في الإبداع، قد فرضت على الجائزة عبر تاريخها أن تتوسع وتعترف بالآخر، وتضع له اعتبارات، وهكذا حدثت فيها اختراقات عديدة سمحت للعالم بأن يرى ويقرأ أدب هذا الآخر. وأن يرى الغربيون أشكالاً سردية أخرى ليست بالضرورة هي الأشكال السردية الموجودة عندهم، ومن تلك الاختراقات على المستوى الروائي العربي وصول رواية الكاتب الليبي الأصل هشام مطر «في بلاد الرجال» إلى القائمة القصيرة لجائزة مان بوكر عام 2006، ثم فوز الكاتبة العُمانية جوخة الحارثي بالجائزة عام 2019 عن روايتها «سيدات القمر» بعد أن ترجمت إلى الإنجليزية بعنوان «الأجرام السماوية».