سعد عبد الراضي (أبوظبي) ناقش كّلّ من المفكّر والروائي الفرنسي جيلبير سينويه، والمفكّر والشاعر السوري أدونيس، أثر اللغة على الهوية وأهميتها على الإبداع الإنساني والمشاريع الثقافية، وذلك خلال جلسة حملت عنوان «صُنّاع الهويات في اللغات الأخرى»، أقيمت ضمن فعاليات قمّة اللغة العربية.
وتناول سينويه، وهو روائي فرنسي من أصول مصرية، الحديث خلال الجلسة التي أدارها الدكتور سليمان الهتلان، الرئيس التنفيذي لشركة هتلان ميديا، بالإشارة إلى أنه يعيش بقلب أم كلثوم وعقل ديكارت، واصفاً هذه العلاقة بالمعادلة المعقدة والمهمة في آن واحد، موضحاً أن اللغة العربية بالنسبة له لغة علم وحضارة وعالم كبير من المفردات، مؤكداً أنه عندما يعود من مصر إلى فرنسا يشعر بعروبته أكثر.
الاندماج الثقافي وقال سينويه: «عندما بدأت كتابة الروايات قالوا لي أنت لا تكتب كفرنسي، بل كعربي، وكنتُ أشرح لهم ولكنهم لم يفهموا ما أقوله، كانوا يقولون لي إنك تحلّق بأعمالك ضمن فضاءات مليئة بحكايات الجدّات والقصص الواقعية والأزقة وغيرها، وأعمالك مشبعة بخصوصية عربية، وهذا أمر لا أشكك فيه كوني ولدت في مصر، وتعلّمي اللغة العربي أكسبني الكثير من المهارات وغيّر من طريقة تفكيري».
وتابع: «اللغات والحضارات متشابهة، لكن العقليات مختلفة، وأنا يجب أن أعود إلى جذوري وقد كتبت عن ابن سينا ضمن أعمالي الكثيرة التي تناولت فيها الحديث عن العالم العربي، وأدرك أن اللغة الأم هي أساس الهوية، والإنسان عندما يفقد لغته الأم يبقى في صراع مع هويته، وبالنسبة لي لقد نسيت لغتي الأم على صعيد القواعد ولكني لم أفقدها عقلياً وعاطفياً، وبهذا لم أفقد الهوية، بل أضفت هوية أخرى على هويتي وهذا مكسب بالنسبة لي».
وأوضح سيونيه أنه لطالما اكتسب المزيد من المهارات في امتلاكه لهويتين، مشيراً إلى أنه يسعى من خلال كتاباته إلى تغيير الصورة النمطية المأخوذة عن العرب والمسلمين، وتعزيز الاندماج الثقافي بين الشرق والغرب.
أفق وابتكار ومن جهته تساءل المفكر السوري اللبناني أدونيس: هل الهوية العربية مرتبطة بالتعبير العربي؟، موضحاً أنه يجب إعادة النظر في مفهوم الهوية، قائلاً: الشائع أننا نرث هويتنا كبيوتنا، ومن المهم أن تتغير نظرتنا لمفهوم الهوية، وأن نجعلها أفقاً نتحرّك فيه، ونوعاً من أنواع الابتكار، لا أن تبقى نفقاً.
وتابع أدونيس: يجب أن نميّز بين مستويين في النظر إلى الثقافة وممارسته والإبداع الثقافي، الأول نكتب كأننا نعيد صياغة ما نعرفه ونضع ما سبقنا في سياق جديد ولكن مع إعادة التوصيف وكأننا نكتب ما تركه الأقدمون لكن بأسلوب آخر، وهناك فرق بين من هم جزء من التاريخ وبين من يكون التاريخ جزءاً منهم، ولهذا يجب فتح الآفاق للتحاور مع المتلقي ولا مفر لنا نحن كعرب إلا أن نسلك طريقاً يقدم لنا أفقاً ورؤية جديدة». وختم أدونيس: «لدينا معايير سائدة للثقافة أعتبرها غير موضوعية، فنحن لا نقرأ النص للنصّ نفسه، بل لصاحبه وميوله وعقيدته».