دبي (وام)
تقف القلاع والحصون الإماراتية شامخة لتعكس جوانب من جماليات فنون العمارة التي زينت القلاع الإماراتية وما تضمه من مقتنيات حولت الكثير منها إلى مزارات سياحية تستقبل الآلاف من السياح سنوياً.

وتتحول هذه القلاع والحصون خلال هذه الفترة من العام، التي تشهد فعاليات ثرية ومتنوعة، مرتبطة بإطلاق النسخة الثالثة من حملة أجمل شتاء في العالم، والتي تحمل شعار «موروثنا»، إلى وجهة تستقطب الزوار ببرامج مميزة لتحتفي معهم بالموروث المحلي، وتعكس أبرز ملامح الهوية الوطنية، ومنظومة القيم الراسخة والسائدة في مجتمع الإمارات، متيحة للزوار فرصاً استثنائية للاستمتاع بجمال الإمارات، وخوض تجارب مليئة بالتفاصيل الثرية التي تبرز الخصوصية الثقافية والتراثية للدولة. 

مراكز جذب ثقافية
وتولي الدولة القلاع والحصون أهمية كبيرة، وتضاعف الجهود المبذولة لصون التراث الوطني والترويج له، ولذلك حرصت على ترميمها وتجديدها، وتحويل جانب منها إلى متاحف تضم مجموعات كبيرة من اللقى الأثرية، والأدوات التقليدية، والتحف والأسلحة والعملات والصور ومستلزمات الحياة اليومية التي استخدمها الأجداد، والتي حولت هذه القلاع إلى مراكز جذب للسياح من كل أنحاء العالم الشغوفين بالمقتنيات التاريخية والأثرية. 
وتحمل القلاع والحصون الإماراتية الكثير من الذكريات التي تجسد إنجازات الماضي التي خلدها التاريخ، الأمر الذي وضعها في مكانة خاصة في قلوب أبناء الإمارات، وخصوصاً أن الكثير منها تحول إلى مراكز جذب ثقافية تستقطب المواطنين والمقيمين والسياح بالكثير من الفعاليات والمعارض الثقافية والفنية والتراثية على مدار العام.

حقائق تاريخية
وتستدعي الحصون الإماراتية الكثير من روايات الماضي، التي تحمل الكثير من التفاصيل والحقائق التاريخية الموثقة، وتعكس في الوقت نفسه شواهد من خصوصية البيئة الإماراتية، لتعكس طبيعة الحياة التي عاشها الأجداد، وتروي عن عظمة أبناء الإمارات، وإصرارهم على حماية أرضهم التي تتميز بموقعها الاستراتيجي، والتي تعتبر ممراً للتجارة بين الشرق والغرب. ووجد الأجداد في الحصون والقلاع والأبراج وسيلة جيدة اتخذوا منها نقاط مراقبة وحماية، ومقراً وسكناً، كما استخدمت كذلك كمخازن للطعام ومستودعات للمعدات الحربية. وتجسد هذه القلاع مهارة أبناء الإمارات في تطوير عمارة تعكس مقومات وخصائص فنية فريدة، وتمكن في الوقت نفسه من التصدي لأطماع الأعداء، والدفاع عن مقدرات المجتمع وأبنائه.

عمارة الحصون 
واتخذت الحصون والقلاع الإماراتية أشكالاً ثلاثة هي الدائرية والمخروطية والمربعة، وقد اختلفت المواد المستخدمة في بنائها باختلاف مكان تواجدها، حيث اعتمدت على الحجر الرملي والأحجار البحرية في المناطق الساحلية، فيما استخدم في بناء قلاع المناطق البرية حجر الكلس والجص والطين، وفي المناطق الجبلية استخدمت الحجارة لبناء الأبراج والجدران، أما في الواحات فقد بنيت من الحجر المصنوع من الطين والقش.
 وكان الشكل الدائري للحصون هو الأكثر استخداماً في تشييد القلاع، وقد سمي باللهجة المحلية «بري» أي البرج، وكان يستخدم في الحراسة والحماية، ويشترط في هذا البرج أن يكون الشخص الذي تُسند إليه مهمة الوقوف أعلى البرج، حاد النظر وجهوري الصوت ليتمكن من إطلاق إشارات الإنذار عند الحاجة. ويتراوح ارتفاع الحصن بين 10 إلى 20 متراً، ويتألف في الغالب من باب سفلي داخلي يقود إلى سلم يؤدي إلى عدة طبقات، يتواجد فيها الحرس من أجل المراقبة والدفاع، حيث تحتوي جدرانه على فتحات ضيقة (مزاغل) موزعة على محيط جدرانه من أجل الرمي، وكذلك للقيام بأعمال الاستطلاع والاستكشاف للدفاع عن المنطقة من جميع الجهات.
 وقد راعى الإماراتيون القدماء أموراً عدة عند اختيار مواقع الحصون، منها الموقع الاستراتيجي، الذي يسمح برؤية بانورامية مفتوحة للمنطقة التي يتوسطها الحصن ويطل عليها. وكذلك راعوا في الموقع سماحه لهم بإدارة المناطق الأخرى، كما راعوا تشييد حصون مرتفعة، حيث عمدوا إلى بناء أسوار عالية يصعب على الطامعين تجاوزها وكذلك أبراج مرتفعة تسهل من عملية المراقبة ولذلك كانت الحصون تبنى على المرتفعات.

قصر الحصن
ويحمل قصر الحصن المهيب في أبوظبي دلالات رمزية تختزل التطور التاريخي والسياسي الذي شهدته الإمارة، ويعتبر واحدة من أعرق المنشآت التاريخية فيها، ويتضمن برج مراقبة بُني في تسعينيات القرن الثامن عشر لحماية طرق التجارة الساحلية والمجتمعات المتنامية على الجزيرة. ويتألف قصر الحصن من بناءين بارزين هما: الحصن الداخلي الذي يعود تاريخ بنائه إلى عام 1795 والقصر الخارجي الذي تم بناؤه خلال الفترة التي تراوحت بين عامَي 1939 و1945. وتحوّل القصر إلى متحف وطني في عام 2018 بعد أن خضع لأعمال ترميمٍ مكثفة، ويعدّ رمزاً وطنياً يعكس تطور أبوظبي من منطقةٍ اعتمدت على صيد السمك واستخراج اللؤلؤ في القرن الثامن عشر إلى واحدة من أروع المدن العالمية الحديثة.

قلعة الجاهلي
تعكس قلعة الجاهلي، باعتبارها إحدى أكبر القلاع في دولة الإمارات، أهمية مدينة العين وتاريخ الإمارات بشكل عام. وتقع قلعة الجاهلي في مدينة الحدائق بالعين، ومنذ أن فتحت أبوابها في عام 2008، شكّلت محوراً أساسياً للأنشطة المرتبطة بأبوظبي وثقافتها وإرثها. وأجرت دائرة الثقافة والسياحة- أبوظبي بين عامَي 2007 و2008 عمليات ترميم وصيانة للقلعة، فحوّلتها إلى مركز ثقافي ومعلم جذب يضمّ حالياً معرضاً دائماً مخصّصاً للرحالة البريطاني ويلفريد ثيسيجر المعروف بـ «مبارك بن لندن» الذي عبر صحراء الربع الخالي مرّتين في أربعينيّات القرن العشرين، وقد حصدت القلعة التي تحيط بها حديقة غنّاء «جائزة تيرا» لأفضل عمارة طينية في العالم عام 2016.

حصن الفهيدي 
شيّد حصن الفهيدي في دبي حوالي عام 1799م، ويعد إلى الآن أقدم مبنى قائم في دبي شهد العديد من المحطات التاريخية في الإمارة، حيث استخدم مقراً للحكم وسكناً للحاكم قبل انتقال المغفور له الشيخ مكتوم بن حشر آل مكتوم، طيب الله ثراه، إلى منطقة الشندغة، وأعيد استخدام الحصن على فترات متلاحقة كديوان للحاكم ومقراً للحرس الأميري ومستودعاً للذخائر، وغير ذلك من الأغراض، ثم تحول إلى متحف افتتحه المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم في عام 1971. وكان الحصن مركزاً لمدينة دبي القديمة، مشكلاً أهم المواقع الدفاعية في الإمارة، والذي من خلاله يتم الحفاظ على الأمن وتتم مراقبة مداخل ومخارج المدينة.

حصن الشارقة 
ويقف حصن الشارقة الذي شيد عام 1823، في شموخ متحدياً عوامل الزمن، ويتكون من 3 أبراج وطابقين، فيهما حجرات كثيرة، واستخدمت لأغراض متعددة، فيما تمت إعادة بنائه وافتتاحه للزوار عام 1997، ومر بعد ذلك بمراحل ترميم عديدة وافتتح من جديد في عام 2015. ويتيح الحصن الذي تحول إلى متحف في وقت لاحق، للزوار فرصة التعرف على التاريخ الحديث لإمارة الشارقة، وتاريخ المبنى، وطرق الدفاع، وإدارة الحكم، وطابع الحياة اليومي في إمارة الشارقة قبل مئتي عام.

حصن عجمان 
وينقل حصن عجمان واقع الحياة في عصور مختلفة، حيث كان مقر الحكم في الإمارة، وخط الدفاع الأول عنها، ويحفظ مآثر الأجداد وتراثهم الخالد، وقد تحول إلى متحف متكامل، يحوي نماذج من المقتنيات الأثرية، والصناعات والمهن التقليدية، وصوراً من الحياة الاجتماعية القديمة. ويعود بناء حصن عجمان إلى عام 1775، حيث استخدم في بنائه المرجان المستخرج من البحر والجير المحروق وأوراق شجر النخيل والخشب وتبلغ مساحته 255 متراً مربعاً ويتكون من برجين دائريين كبيرين، ويضم المتحف نحو 12 قسماً، منها قسم مخصص للمغفور له الشيخ راشد بن حميد النعيمي، وفيه غرفته التي كان يعيش فيها.

قلعة الفجيرة 
تتميز قلعة الفجيرة بفرادتها، إذ شيدت على ربوة عالية في منطقة الفجيرة القديمة، ويرتفع بناؤها إلى نحو 20 متراً عن سطح البحر وتبعد نحو 3 كيلومترات عن ساحل البحر. وشهدت القلعة التي تعتبر من أقدم القلاع الإماراتية، إذ شيدت ما بين 1500 - 1550 ميلادية، الكثير من العوامل التي عرضت جدرانها للانهيار والتلف، ولكن أعيد بناؤها في الفترة 1650 - 1700م، وكان أول ترميم لها عام 1925 ثم في منتصف الستينيات لانهيار البرج الشمالي والمربعة، وفي 1998 - 2000 خضعت القلعة بشكل شامل للترميم، حيث استخدمت فيها ذات المواد التي بنيت منها.

حصن آل علي 
وشُيّد حصن آل علي في عام 1768 بتوجيهات المغفور له الشيخ ماجد بن سلطان المعلا ليكون مركزاً للحكم ومسكناً للعائلة الحاكمة وفي عام 2000 تم ترميمه وصيانته وتحويله إلى متحف وطني يحتفي بالتراث والإرث العريق لإمارة أم القيوين ويتيح التعرف على تاريخ الإمارة والعائلة الحاكمة.

قلعة ضاية 
وتُعد قلعة ضاية بمنزلة الحصن الوحيد الذي ما زال متربعاً على أعلى قمة تل في دولة الإمارات. ويعود تاريخه إلى نهايات العصر البرونزي، بعد أن تم تشييده واستخدامه للسكن والتحصين خلال القرن التاسع عشر، ويتكون الحصن من قمة مزدوجة مبنية بالطوب الطيني الذهبي وتم ترميمه في أواخر التسعينيات. ويُعد الحصن معلماً تاريخياً عريقاً، كما خضع مؤخراً لأعمال ترميم وتم افتتاحه مجدداً للزوار مزوّداً بمركز بيع للتذاكر واللوحات التعريفية، إضافة إلى تعزيز عوامل السلامة والأمان. وكانت المنطقة المحيطة بالحصن مستوطنة منذ آلاف السنين، ما منحها أهمية مضاعفة على الصعيد التاريخي، كما تتمتع المنطقة المحيطة بالحصن بمناظر طبيعية خلابة ومتنوعة تشتمل على بحيرة محمية بشريط رملي ومستوطنة من الموانئ المبنية على الطراز الإسلامي العريق، فضلاً عن حدائق وحصن النخيل والقرى الجبلية ونمط الحقول المتدرجة وحصن التل والسهل المكون من الحصى ومدافن تاريخية قديمة.