جوادالاهارا (الاتحاد)
تحت عنوان «الإعلام: مسار التواصل بين الإمارات والمكسيك»، استضافت فعاليات الشارقة ضيف شرف معرض جوادالاهارا الدولي للكتاب كلاً من رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة «الخليج»، رائد برقاوي، ورئيس تحرير صحيفة «غلف نيوز»، عبدالحميد أحمد، ورئيس تحرير مجلة الناشر الأسبوعي الإسبانية، إدواردو نواتكا، ومديرة مشروع الأدب الإلكتروني لمركز الثقافة الرقمية بالمكسيك، الكاتبة مونيكا نيبوتي، للوقوف على مسار تطور العلاقات المكسيكية الإماراتية تاريخياً واليوم، وبحث جهود تطويرها عبر الاستثمار بوسائل الإعلام التقليدية والحديثة.
تعزيز التواصل
واستهل الجلسة التي أدارتها زيث أريلانو، رائد برقاوي بالوقوف عند جوهر العلاقات بين المدن والدول تاريخياً، بقوله: «كانت المدن المركزية في العالم سابقاً هي المدن التجارية التي تمتلك موانئ، فمن خلال حركة التنقل كان يحدث تبادل ثقافي حقيقي على كافة المستويات، ويظهر في اللغة، والموسيقى، والفن، وثقافة الطبخ، وغيرها من أشكال الثقافة، وهذا ما يميز دولة الإمارات اليوم، فهي مركز تجاري فتح مجالات واسعة لتعزيز التواصل والحوار الثقافي مع مختلف بلدان العالم». واستشهد برقاوي بقوة العلاقات التجارية وتأثيرها على تعزيز أفق التواصل بين الإمارات والمكسيك بتقديم مقارنة بالأرقام حول حجم التبادل التجاري بين البلدين، مؤكداً أنه من خلال هذه العلاقات الحيّة تتشكل علاقات ثقافية بين البلدين وتتطور بأبعادها كافة.
وقال: «إن أكثر دولة تمثل فرصة لتواصل المنطقة العربية مع العالم هي دولة الإمارات العربية المتحدة، لما تمتاز به من مقومات، فهي تقدم نموذجاً في التعايش والتواصل الثقافي بين حضارات العالم».
وبدوره سلط عبدالحميد الضوء على دور الإعلام والصناعات الإبداعية في تقليص المسافة بين الإمارات والمكسيك، مشيراً إلى أن العلاقة بين البلدين بدأت قبل فتح وتطوير خطوط الطيران، وكانت من خلال ترجمة الأدب المكسيكي، فقد لعبت دوراً في تقديم صورة عن طبيعة الشخصيّة والمجتمع المكسيكي وتراثه الثقافي.
وأشار مؤلف «النظام العالمي الضاحك» إلى أن صناعة الدراما ساهمت خلال تسعينيات القرن الماضي في فتح نافذة أمام العرب على الثقافة اللاتينية، لافتاً إلى أن هذا الأمر يتكرر اليوم ولكن بصورة تحتاج إلى إعادة نظر عبر منصات مثل نتفليكس. واستعرض عبدالحميد نخبة من كبار الأدباء المكسيكيين الذين وصلت أعمالهم إلى القراء العرب مبكراً، مثل أوكتافيو باث، وكارلوس فيونتس، وخوان رولفو، متوجهاً بالشكر والتقدير للمترجمين العرب الذين بذلوا جهوداً كبيرة في نقل الأدب المكتوب بالإسبانية إلى العربية أمثال الراحل صالح علماني.
وطالب باستحداث جمعية صداقة إماراتية مكسيكية تتولى مهمة تطوير العلاقات بين البلدين على المستوى الثقافي، كما أوصى بإطلاق جائزة للأعمال الأدبية والمعرفية المترجمة من العربية إلى الإسبانية والعكس، مشيراً إلى أن هذه الخطوات العملية من شأنها أن تحدث فرقاً واضحاً في العلاقات على أرض الواقع.
عواصم المعرفة
ومن جانبه تحدث إدواردو نواتكا عن السمات المشتركة التي تجمع إمارة الشارقة ومدينة جوادالاهارا بوصفهما اثنتين من المدن المركزية على خريطة عواصم المعرفة العالمية، وقال: «كلتا المدينتين تمثل بالنسبة للعالم ملتقى لصنّاع المعرفة والإبداع في العالم، فإمارة الشارقة بتنظيمها أكبر معرض للكتاب في العالم نجحت خلال أربعة عقود من الزمن في أن تجمع العالم على أرضها، وهذا تماماً ما فعلته مدينة جوادالاهارا، ولا يمكن قياس أثر ذلك إلا بتأمل القصص الصغيرة والفردية لدى الناشرين والكتاب والمبدعين والمشتغلين في العمل الصحفي».
وتابع: «لنعرف أكثر أهمية ما تقوده الشارقة وانعكاسه على التواصل بين الثقافات يمكن الوقوف عند تجربة إطلاق النسخة العربية والإسبانية من مجلة الناشر الأسبوعي، فالمجلة حين أرادت استهداف الناطقين باللغة العربية توجهت إلى الشارقة، ومنها صدرت النسخة العربية، واللافت أن فكرة إطلاق النسخة الإسبانية من المجلة كانت في معرض الشارقة الدولي للكتاب، حيث التقينا هناك بمؤسسات مكسيكية وتطورت الفكرة لتجسد اليوم على أرض الواقع». وبدورها قدمت مونيكا نيبوتي قراءة لتأثير التكنولوجيا الرقمية على فتح أفق التواصل بين حضارات العالم، متوقفة عند الأدب الإلكتروني، وما يوفره من خيارات وما يشكله من تحدٍّ في الوقت نفسه، مشيرة إلى أن التكنولوجيا تعتمد على اللغة الإنجليزية وهو ما يجعلها اللغة الأكثر انتشاراً، ولكن المطلوب هو الالتفات لأثر ذلك، والعمل لتقديم أدب من اللغة الإسبانية والعربية في منصات الأدب الإلكتروني.