محمد نجيم (الرباط)

في معرضه المنظم بمدينة القنيطرة، قدم التشكيلي المغربي عبدالله الرامي لوحاته التي اشتغل فيها على خامات من الطبيعة لتمرير خطابه البصري، فالفنان عبدالله الرامي يطرح تصوره الجمالي من أشياء بسيطة مُعتادة في الحياة اليومية، مانحاً إياها الدفق الشعوري لتحقيق أفكار إبداعية مُحملة بالكثير من الرموز والتناغمات التعبيرية، وبنفَسٍ تجريدي وهندسة روحانية صوفية تطرب الروح وتريح النفس.
ويقول الفنان عبدالله الرامي إنه يقوم بعمليات التحليل والتركيب من البسيط إلى المركب، ومن بحثه عن صيغة جديدة لهوية تجربته الفنية، يعي مسبقاً ويعرف كيف يتعامل مع الاندماج الكلي للمدركات، التي تراكمت لديه في سياق ما حاورته به الأشياء المنتقاة من الطبيعة المحيطة به من مواد وخامات بسيطة: قماش، لحاء، أغصان، ومن هنا تبرز الجرأة لديه في اقتحام الرؤية التي تلغي السطح في قراءته لبنية عميقة بكل إيحاءاتها وبتعدد اتساقاتها كفضاء وكتلة. وبحدس واعٍ وبتوافق سلس ومتوازن يتحاور في الوقت نفسه مع منظومة كاملة تخضع للمرئي واللامرئي في تنظيم توافقي، تفعيلاً لترجمة كينونة المادة وحياكتها ضمن لغة بصرية صائبة، واستنطاقها وفق سياق جديد يحمل معنى جديداً يؤكد دلالة ومغزى الجدل القائم بين الإنسان والطبيعة والمحيط الذي يعيش فيه، وكذلك من المحسوس إلى المجرد، مستعيناً بقدراته الإبداعية والخيالية.

ترابط وتناغم
يقول عبدالله الرامي: تساعد تلك المواد (المنتقاة من الطبيعة المحيطة) في القيام بتكوينات كبيرة من فكرة أو أفكار قليلة متاحة وغير ذلك، للتأكيد على وجودية الفعل العملي الإبداعي في مضمونه الواسع والمتجلي عبر عدة تقاسيم من التقنيات، وإبراز ما هو حقيقي للعيان من تصورات ثقافية فنية وفلسفية. ويضيف: ومما لاشك فيه أن طبيعة أعمالي من تنظيم وإعادة تنظيم لجل عناصرها إنما تخضع لمفاهيم تنظيم الترابط والتناغم المتوازن للأجزاء التي استلهمتُها من المحيط.. وذلك بهدف الوصول إلى بناء كلي تتعرف عليه العين بكل سهولة وينفذ إلى أعماق الإحساس.. أما من ناحية اللون فقد استطعت أن أكسبها طابعاً فردانياً مستقراً له تأثير واضح في تبيان كل مادة على خصائصها وترجمة حياكتها، وذلك سعياً مني لتحقيق الاتزان والتوازن والتناسب بين جميع مفردات اللوحة، وكذلك التصور الذي أهدف إليه كفنان يتعامل مع المادة ككتلة داخل فضاء اللوحة.. فكل اللوحات تبدأ عندي بلون بني والأوكر بكل اشتقاقاته: غامق وفاتح.. ثم هناك إضافة جزئية للون بعض ما يخص عناصر صغيرة مقحمة مثل الأسود وغيره، تتيح للمجال بأن يتشبع بنوع من المرونة والخصوبة. 
وتجربة الفنان عبدالله الرامي، حسب الباحث في الجماليات هشام المتقي تجربة مميزة ومتميزة، فانطلاقاً من المادة والصباغة والسند، تتولد اللوحة شيئاً فشيئاً وتتشكل وفق منظور الفنان لتصير عملاً كاملاً مكتملاً، في توليفة فريدة من نوعها وذات لمسة خاصة.
أما الباحث الجمالي الحبيب توحيد فيقول: غالباً ما تشكل أعمال الفنان عبدالله الرامي من خلفيات بسيطة إلى حد ما وأشكال ومنحنيات. وبهذا فإنه يعلي من شأن الابتكار في لغة الشكل كهدف لذاته، بل إن الأهم عنده هو العمل الفني نفسه وما يثيره العمل الفني في الشخص المشاهد، سواء كان تأثيراً بصرياً عاطفياً أو روحياً.