سعد عبد الراضي وهويدا الحسن (العين) 

شهد بيت محمد بن خليفة، بمدينة العين، جلستين ثقافيتين شارك فيهما مجموعة من المبدعين، وذلك ضمن فعاليات «مهرجان العين للكتاب 2022» الذي ينظمه مركز أبوظبي للغة العربية التابع لدائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، حتى 20 نوفمبر الجاري، تحت شعار «العين أوسع لك من الدار».
وشهدت الجلستان اللتان أقيمتا بتعاون مشترك بين المركز وصالون الملتقى الأدبي والصالون الثقافي لبيت محمد بن خليفة، وأدارتهما أسماء المطوع، مؤسِّسَة ورئيسة صالون الملتقى الأدبي، سرداً لمكانة المدينة التاريخية وعراقتها، وما تمثّله من ثِقل ثقافي يربط ماضي الدولة بحاضرها، كما تحدّث الضيوف عن أهم الملامح المميزة لمدينة العين، ومدى ارتباط المجتمع المحلي فيها بالعادات والتقاليد الأصيلة المستمدة من عراقة التراث الأصيل. 

إذا تحدث المكان  
وتحدّث في الأمسية الأولى التي أقيمت بعنوان «إذا تحدث المكان» الكاتب والمخرج الإماراتي ناصر الظاهري، الذي تطرق للحديث عن الأبعاد الحضارية والثقافية للأمكنة، موضحاً أن مدينة العين تمتاز بخصوصية فريدة، فهي كانت حلقة وصل بين الحضارات العالمية باعتبارها طريقاً للنقل والتجارة، إلى جانب ما تحتضنه من آثار وقيم تاريخية تعود لسنوات طويلة من بينها فلج يعد أصلح الأفلاج الباقية إلى اليوم، وآثار مسجد يعود للحقبة الإسلامية الأولى وغيرها. 
ولفت الظاهري إلى أن بيت محمد بن خليفة يعدّ أحد أهم معالم العين، ويقف شاهداً على الكثير من الذكريات المهمّة في تاريخ المدينة، كما أنه يمتاز بطرازه المعماري العربي، ومصمّم بانسيابية تشعرك بأنك جزء من المكان، إلى جانب تفاصيل هندسية متميّزة تعكس بصمة العرب في بناء البيوت. 
وأشار ناصر الظاهري إلى أنه وبالرغم من تميز مدينة العين بمحافظتها على طابعها وخصوصيتها التراثية، إلا أن جزءاً كبيراً من تاريخها يعتبر شفهياً ما قد يجعله عرضة للاندثار، منوهاً إلى أن هذا التاريخ يحتاج إلى التوثيق بشكل يتخطى مجرد المحاولات الفردية، لافتاً إلى أنه يحرص في أعماله على ربط الجيل الجديد بماضيه العريق وسد الهوة بين الماضي والحاضر.

الفن التشكيلي 
وفي أمسية بعنوان «حداثة في الفن التشكيلي»، استعرضت الفنانة التشكيلية الدكتورة كريمة الشوملي، والفنان والنحات الإماراتي الدكتور محمد يوسف، أعمالهما التي تعكس جماليات التراث الإماراتي، حيث أوضحت كريمة الشوملي في مداخلة لها أن المجتمع الإماراتي يتميز باهتمامه ومحافظته على الكثير من الموروثات الشعبية التي تتعلق بالتراث، مبينة أن أعمالها الفنية تركّز على البرقع الإماراتي، والسحارة أو المندوس، و«السحارة» في التراث الإماراتي اسم يطلق على صندوق صغير توضع فيه أدوات الزينة والمجوهرات والعطور وخلافها، بينما «المندوس» نوع من أنواع الصناديق تحفظ فيه الحاجيات الثمينة للعروس، و«البرقع» أحد أهم الرموز التراثية للمجتمع الإماراتي، الذي اتخذته النساء ليعبّر عن الزينة والحشمة. 
وأشارت الشوملي إلى أن الطقوس المتعلقة بصناعة البرقع الإماراتي والمنسوجات بشكل عام تعطي الكثير من مدلولات من أهمها تلك المرتبطة بـ«صبغة النيل»، التي تستخدم في صنع البرقع وتسهم في المحافظة على جمالياته ورونقه، إلا أن الكثير من هذه الطقوس في طريقها نحو الاندثار نظراً للتغييرات المجتمعية والثقافية التي أسهمت في تلاشي العادات المرتبطة بها، ولذلك حرصت على توثيقها من خلال الفن.
ومن جهته، أكد الدكتور محمد يوسف على أهمية البحث البصري الذي يقود لقراءة التاريخ وتذوق الموسيقى ودراسة المكان، والمنطلق الأساسي وراء كل إبداع، فيما استعرض العديد من الأعمال الفنية التي شارك فيها ضمن معارض فنية عالمية، والتي عبّر من خلالها عن خصوصية وجمالية البيئة والتراث في الإمارات، مستخدماً في كثير منها قطعاً من المخلفات أو مكونات البيئة كالخشب وأشجار النخيل، وأشاد الفنان التشكيلي بجهود الدولة التي فتحت الآفاق للإبداع الفني.